أنا لا استطيع أن أوجز حياة هذا العظيم ولكني استطيع ان اخذ منها صوراً،
وكل صورة من صور حياته هي نسخٌ من المكارم متكررة،
تختلف فيها المواضيع، وتختلف فيها الاحداث، ولكن لايختلف فيها المضمون، ولا يختلف فيها المحتوى،
الصورة الاولى :
حياة علي (ع) اللافتة للأنتباه المثيرة التساؤلات: تبدأ منذ البعثة وقد كان عمره الشريف عشر سنين فقط،
حينها طلب إليه الرسول الاكرم (ص) أن يعتنق الاسلام ، وأن يشهد بالوحدانية، في هذه الحادثة ، أمران يستحقان التوقف عندهما ،
الأمر الاول؛ دعوة رسول الله (ص) له في هذا السن المبكر،
قبل ان يدعو أحد من الرجال ، هي بالتأكيد ناجمة عن أمر الله تعالى، الاسلام عادة لا يُدعى إليه الاطفال، ولكن علي(ع) كان بعين الله والرسول أكبر من طفل ،
هو في حقيقة الامر رجل يستطيع أن يختار عبودية الله ويترك عبودية الطاغوت لذلك دعاه الرسول الى الاسلام،
الصورة الثانية:
لازم الرسول كظلّه ، وهذا اللافت في الامر،أنه كان ظّلاً للرسول الاكرم (ص) لايُفارقه ابداً، ينام في بيته يأكل على مائدته، ينزل الوحي على النبي بمرأى من علي ومسمعه،
وهناك نصّ أخر يُثبت ذلك:
جاء رجل للرسول(ص)
قائلاّ له إني أكره علياً فقال: له النبي " ويحك أدخَلَ النفاق الى قلبك ؟
والله ما نزل جبرائيل مرةً إلا وكان يُقرئ عليا السلام ، ويحك إنّ هذا الرجل لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلامنافق"
يقول: ايضاً في علاقته برسول الله (ص) لقد كنتُ أتّبعه إتباع الفصيل أثر أمه، يُرفع لي في كل يوم من أخلاقه علَضماً، ويأمرني بالاقتداء به،
فمن كان ربيب رسول الله (ص)
وتخلّق بأخلاقه، وتلقّف منه العلم والحكمة، حتماً سوف يكون إيمانه راسخاً لا يتزلزل ولا يتزعزع،
اما من جانب اخلاقه وحلمه،
في مواجهته مع الخوارج الذي من بينهم قاتله،
يقول : لاتقاتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحقّ فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه،
فالخوارج كانوا يطلبون الحقّ إلا انهم اخطأوا بالوصول الى هذا الحق وخطؤهم هذا نتيجة شبهات دخلت عليهم،
وأولى هذه الشبهات قبولهم التحكيم بسبب خديعة رفع المصاحف من معاوية وعمر بن العاص، والامير حذرهم من هذه الخديعة، إلا أنهم لم ينصاعوا الى نصيحته (ع) وأصرّوا على التحكيم، وشهروا سيوفهم في وجه علي بعد أن كانت الفتنة على وشك الانتهاء ، وزرعوا الانكسار في قلب الامام، حتى قال: كنتُ الَامر فصرتُ المأمور وكنتُ الحاكم فأصبحتُ المحكوم،
هذا الامام ، الذي عمِل على تطبيق العدالة بين الناس
وعاش بينهم كما لو يعيش أضعف رعيته، فكان يُواسيهم في فقرهم وحرمانهم، ويأبى إلا أن يكون كواحد منهم ، إنطلاقاً لكلّ أشكال
التمايز الطبقي، وسعيه لان يكون المجتمع، طبقة واحدة ، ومن المبادئ التي أعلنها الامام في بداية عهده ، تحقيقا للعدل والمساواة حكمه بمصادرة جميع ما اقطعه الخلفاء من القطائع ، وما وهبوه من الاموال العظيمة
للطبقة الارستقراطية وفي هذا قوال : له (ع) 《 اَيها الناس إني رجل منكم لي ما لكم وعليّ ما عليكم، وإني حاملُكُم على منهج نبيّكم ، ومُنَفّذٌ فيكم ما اَمر به ألا وإنّ كل قطيعة أقطعها عثمان ، وكل مال أعطاه من الله فهو مردودٌ في بيت المال، فإنّ الحقّ لا يُبطلُه شيءٌ ولو وجدتٌهُ قد تُزوّج به النساء ، ومُلك به الإماء
وفٌرّق من البلدان ، لرددتُه فإن في العدل سعةٌ ومن ضاق عليه العدل فالجور عيه أضيق 》
لقد ساوى بين الناس، إفتتح عهده بأشرف مبدأ على وجه الارض ، أعلن شعاره المساواة في العطاء بين الناس دون أيّ تفضيل
لعربّي على عجميّ، ولا لأسود على أبيض ودون أن تكون هناك حصّة لفريق أو جهة أكثر من الفريق الاخر ،
لقد جاهد الامام (ع) وحارب كل انواع الظلم في المجتمع حيث وضع الاسس والمبادئ الكفيلة بسد حاجات الناس وتحقيق مبدأالتكافل الاجتماعي بين افراد المجتمع ، الذي يؤمن لكل؟ واحد من هولأء الافراد حاجاتهم الضرورية، ويعيش كل إنسان عيشة إنسانية كريمة،
ومن أخلاقه :
عدم تكفير المعارضين له (ع)
على الرغم من انّ الامام هو إمام الحق ، والخارجين عليه بغاة ظالمون ، فإنه يجعل الصراع صراعا بين فئة أهل الحق ، وأصحابه ، وأهل الباطل المنحرفين عن الحق وعن اهله، فتارة يقول : عنهم إخواننا بغوا علينا في الاسلام ،
وقد عبّر عمر بن الخطاب عن السيرة الايجابية لعلي (ع)
التي لا يبخل فيها بالموقف العلمي ، والكلمة ، والنصيحة ، والمشورة ، حرصا على الكيان الاسلامي ، ووحدة المسلمين ، وقوتهم، وعزتهم، ومنعتهم، وفي ذلك قول عمر :"لا ابقانا الله بعدك يا ابا الحسن ، واعوذ بالله ان اعيش في يومٍ لست فيه يا ابا الحسن ولو لا علي لهلكَ عُمر " هذه هي عدالة علي ، فأين نحن من عدالة علي ، فأعداءه يشهدون بذلك ، فمعاويه عندما يلتقي بضرار ويقول له ويسأله : كيف هو حزنك على علي ؟ يقول : حزني عليه كحال الأُم التي يذبح ولدها في حجرها ، عند ذلك بكى معاويه عليه بكاءً شديدا ، هذا هو علي آمام المتقين ابكى كلّ عين وشهد بأفضليته القريب والبعيد
فالسلام عليك يا اول مظلوم
السلام عليك يوم استشهدت ويوم تبعث حيا ،
كن شفيعا لي يا ابا الحسن يا رحمة الله في ارضه ،
فوالله مات العدل بعدك يا امير المؤمنين ، والله تهدمت اركان الهدى هنيئا لك فزت وربّ الكعبة
فطوبى لارض تضمنت جثمانك
نسال الله تعالى ان لايحرمن
شفاعتك يا ابا الايتام نحن ايتامك ، يا حبيب رسول الله
الكاتبة هدى الموسوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق