نظم مركز الأمّة الواحدة بالتعاون مع مؤسسة عاشوراء الدوليّة والمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب ومؤسسة جماعة علماء العراق مؤتمرًا فكريًّا حضره نخبة من العلماء والشخصيات الإسلاميّة، وأدارته الإعلاميّة أوجينا دهيني، إحتفاءً بذكرى المبعث النبويّ الشّريف.
السّيّد: المبعث ترسيخ لشموليّة الإسلام وعدالته وحرصه على مصالح الشعوب
السيّد فادي السّيّد، رئيس مركز الامّة الواحدة، شدد على أنّ الإسلام المحمديّ الأصيل هو تجسيد للرحمة الالهية كما يقول الرسول (ص)'عزُ الدنيا وشرف الآخرة'، مضيفًا بأنّ عدم تحكيم هذا المنهج يؤدي إلى الإنحراف وإلى انحطاط الشعوب التي ترزح تحت نير الأفكار الضّالة والمنهجيات السقيمة التي أسس لها الماضون وكرّسها حكام اليوم الظالمين ليثبتوا حكوماتهم الجائرة ، واعتبر ان التكليف الإلهي للرسول يتمثل بتحقيق السعادة للإنسان وانصافه ، لا الحطّ من كرامته. وتابع السّيّد بأن تكليف كل مسلم رسالي اليوم هو السّعي لدحض المعتقدات الباطلة تمهيدًا لتحقيق العدالة الإلهية من خلال التصدي للحكام ، الذين خاطبهم السّيّد قائلًا بأن الناس أحوج إلى عدلكم لا لعزلكم وراي ان اضطهاد الحكام للشعوب ونهب الثروات حفاظًا على عروشها من خلال اتباع المستكبرين والمستعمرين ، مؤكدًا بأن كل هذا لن يسعفهم وبالتالي لا بدّ من بناء الجسور مع شعوبهم ضد الاستعمار والتصهين وإلا فمصيرهم مزبلة التاريخ.
الشّيخ حمود: الوعد الإلهيّ بتحقق النصر قادم لا محال
الشيخ ماهر حمود أكد على أنّ الدعوة الإسلامية أخرجت الناس من عبادة الأصنام إلى عبادة الله الواحد وإلى إصلاح شؤونهم. ربعي بن عامر حين بعث إلى الفرس آنذاك ليقيم عليهم الحُجَّة ويدعوه إلى الإسلام، قال: 'لقد ابعثنا اللهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة'، وهذا ما يؤكد أن شموليّة الرسالة المحمديّة، فالإسلام ليس حكرًا على فئة محددة كما تؤكد الآية (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ)، والإسلام غيّر مجرى التاريخ. وأكدّ الشيخ حمود بأن المبعث مرتبط بتاريخنا المعاصر باعتبار أن الحديث عن الإسراء يليه مباشرةً الحديث عن فساد بني إسرائيل (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ || وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً || ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا || وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا). وأضاف الشّيخ حمود بأن الشهيد السّيّد محمد باقر الصدر يشير إلى أن هذا الترابط يلفتنا إلى حقيقة تاريخية ألا وهي عدم وجود أي يهودي في المدينة في ذلك العام (٩٠ هجريّة) بعد أن أخرجهم الإمبراطور الروماني تيتوس من القدس، وكأن في ذلك إشارة إلى ما حصل بعد ١٤٠٠ عام من احتلال الصهاينة لليهود وعتوهم وفسادهم. وتابع الشيخ حمود بأن هذه المعجزة العظيمة تأكيد على أن ما نعيشه اليوم في العالم من حروب وأوبئة هي تمهيد لزوال إسرائيل، والمطلوب التمهيد ليتحقق وعد الله (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا || عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا || إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا).
الشّيخ الملّا: ذكرى المبعث تؤكد ضرورة إصلاح أحوال الناس
الشيخ خالد الملّا أكدّ بأن ذكرى المبعث محطة لمقاربة حالة البشرية قبل وبعد البعثة وأثرها في حياة الناس، فقد غيرت الرسالة وجه العالم الذي كان يرزح في بحر الظلمات والجهل والبغي والظلم والكفر، إذا أن هناك تناسب بين الكفر والظلم كما يصف جعفر بن أبي طالب(ع) حين التقى النجاشي، فقال له: قائلا: 'أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف'، ثم بدأ بتقبيح الحالة التي كانوا عليها قبل الإسلام؛ حيث قال: 'فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه'، ثم أخذ في عرض الإسلام، فقال: 'دعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام'. ثم أكمل جعفر خطابه: «فصدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا». إصلاح أحوال الناس في معاشهم في الدنيا وفي معادهم في الآخرة، ولهذا يقول الله تعالى: (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). فالرسل وسائط بل السفراء بين الخالق والخلق في إدارة شؤونهم وتبديل أحوالهم إلى خير الأحوال حيث القوة والهداية والأمن. فالإسلام أحدث نقلة نوعية في سلوكهم وأخلاقهم وتفكيرهم كما يتجلى في سيرة صحابة الرسول، وكما يصف الإمام علي عليه السلام الذي نهل علمه من الرسول، وذلك في وصيته لمالك الاشتر: 'النّاسُ صِنْفانِ إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْنِ، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْقِ' التي تكرس التعايش بين الأمّة الواحدة التي وصفها الرسول بأنها خير أمة، وهو ما قام بتعليمه الرسول فكان شجاعًا صلبًا في تكريس حقوق الناس جميعًا بل تعدت رحمته كل الخلق، مشددًا على الوحدة والمساواة وخدمة الناس والاهتمام بشؤونهم، وجاعلًا الحفاظ على البيئة من شعب الإيمان، ومؤكدًا دور النساء التبليغي، ومحرمًا العصبية وقتل الأرواح والرّبا وعقّ الوالدين وما إلى هناك من سلوكيات سيئة.
الأب اسكندر: شخصية الرسول تتقاطع مع شخصية المسيح (عليهما السّلام)
من جهته أكد الأب الدكتور حنا اسكندر، عميد كلية الدراسات الشرق اوسطية في جامعة سليمان الدوليّة وأستاذ التاريخ واللغات القديمة، على الرحمة والتكافل الاجتماعي في رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والزهد والتواضع وحماية المجتمع من الفساد الأخلاقي، مؤكدًا بأن ذلك ما يؤكده أيضًا الإنجيل، فهناك تقاطع كبير بين نصوصهما. فقد كرس الرسول مبدأ العدالة الإنسانية وكذلك أهمية الصلاة والذكر ومحاربة الشيطان.
الشيخ شهرياري: طاعة الرسول(ص) تزكيّة للنفس البشريّة
الشيخ حميد شهرياري، الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة، قال بأن شخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تشد الإنسان لله سبحانه وتعالى ولها الدور الأساس في التربيّة والتوجيه وتزكيّة النفس، من هنا جاء التأكيد في القرآن الكريم على طاعته، فطاعة الرسول تحمى الإنسان من الإنحراف ومن مخالفة أوامر الله، فالرسول خُوطِب في القرآن اجلالًا بعبارات (يا أيها الرسول) (يا أيها النبي) لمقامه السّامي لذا فإن الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو دفاع عن البشريّة بأكملها، ولا بدّ من شدّ الهمّم لنشر فكره وفضائله وعدم الانشغال في صغائر الأمور وهذا واجب دعاة التقريّب.
الشّيخ باقري:
الشّيخ رسول باقر أكّد بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بُعثَ رحمةً للعالمين،
...
...
...
السّيّدة الموسويّ: المبعث حقق صحوة الشّعوب
في كلمتها قالت المبلّغة الإسلاميّة السّيّدة هدى الموسويّ بأن المبعث نعمةَ إلهيّة عظيّمة فهي يوم ولادة الإسلام المحمديّ الأصيل ويوم نشر العدالة والسّلام والأخلاق واستنهاض الإنسانية وانقاذها من الضلال والجهل على كافة المستويات مؤكدةً على دور الإمام علي والسّيّدة خديجة عليهما السلام والفئة القليلة المخلصة، وتحملهم وثباتهم وصبرهم واصرارهم على تجاوز التحديات ومظاهر التخلف والانحطاط. فالمبعث نقل الأمّة من حالة العدم إلى حالة الوجود ومن الموت إلى الحياة ومن الباطل إلى الحقّ ومن الفساد والفساد إلى العدالة والأخلاق السّاميّة. انتصر الرسول بعلمه وصدقه وأخلاقه، ورسخ التعاليم الإلهية من خلال تجسيدها فكان رحيمًا، ومن هذه المدرسة تعلّم وانتهج الإمام الخميني (قدس) محققًا للأمّة نصرًا على الطغاة في لبنان وفلسطين والعراق واليمن، لتتحول هذه الشعوب التي اقتدت بنهج الرسول إلى قوة عظمى، وفي الختام أكدت السّيّدة الموسوي على ضرورة الوحدة ورصّ الصفوف.
د. مطهر: المبعث النبوي تجلي لجهاد الرسول
من اليمن تحدثت المستشارة في رئاسة الجمهوريّة الدكتورة نجيّبة مطهر أكّدت على دور عمّ الرسول أبو طالب وزوجته خديّجة عليهم جميعّا الصلاة والسّلام في دعمه ونشر رسالة الإسّلام في ظلّ الخذلان الذي لاقاه من قومه. كان الرسول صادقًا صابرًا ثابتًا على الحقّ حريصًا على الأخلاقيّ لقومه. وتابعت مطهر بأن أرض فلسطين أمانة في أعناق المسلمين.
الشّيخ رزق: مسؤوليّة النخب أن تكون مرآة حقيقيّة للرسول
مسؤول العلاقات الخارجيّة في حزب الله، الشيخ خليل رزق بيّن بأن القرآن الكريم يبين بأن الله سبحانه وتعالى بعث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رحمةً للعالمين في عصرٍ كانوا فيه في حالة غير طبيعيّة من الضلال والجهل والعبوديّة والوثنيّة والعدوانيّة، وقد نجح الرسول في تحقيق مضامين هذه المهمّة وتحقيق التغييّر المطلوب، لما تمتع به من مؤهلات وفضائل وقيّم. وأضاف بأننا اليوم أمام مسؤولية الاستمرار في حمل هذه الفضائل ونشرها وذلك ليس بالقول فقط إنما بالعمل والتّجسيّد الحقيقيّ لنتمكن من تحقيّق التغيّير المرجو والخروج بحلول جذريّة لأزمتنا المعاصرة.
في الختام تلت الإعلاميّة سندس الأسعد البيان الختامي للمؤتمر باسم اللجان المنظمة مؤكدةً توافقهم على أن المبعث النبويّ الشريف قلب كل المعادلات وغيّر وجه العالم، الذي كان يموت في بحر الظلمات بهدف تحقيق السعادة بكل تجلياتها. وقد أوصى المؤتمرون بضرورة تصحيح مسيّرة الأمّة وتوحيّد الصّف وتقديم الإسلام للعالم بصورته الحقيقيّة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق