برعاية وحضور معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى، ومنسّق عام المؤتمر ومدير عام مركز الدراسات والأبحاث التربوية الدكتور عبد الله قصير، عقد مركز الدراسات والأبحاث التربوية، واتحـــــاد المعلميـــــــن العـــــــــــرب فعاليات "المؤتــــمر الإســـلامــي العربـــــي لـمنــــاهضة التطبيــــــع التربـــوي" في قاعة المؤتمرات في المبنى الصحّي الاجتماعي \ بلدية الغبيري اليوم الأربعاء الواقع فيه 8 كانون الأوّل ـــــ ديسمبر.
وشارك في المؤتمر ممثلو سفارات وقنصليات وأصحاب سماحة، وبعثات تربوية وثقافية في لبنان، ومدراء مراكز أبحاث وجمع كبير من الباحثين والنخب التربوية والأكاديمية، وممثلي أحزاب وهيئات وقوى وفصائل لبنانية وفلسطينية وعربية، تقدمهم الدكتور نادر حذيفة ممثلا وزير التربية والتعليم العالي اللبناني الدكتور عباس الحلبي، كما شارك رؤساء ومدراء وممثلي مؤسّسات تربوية وتعليمية واجتماعية وكشفية وإعلامية.
وحضر في المؤتمر باحثون من
الدول لبنان، وسوريا، وإيران، والبحرين، وباكستان، والجزائر، ومصر، والمغرب، وتونس،
واليمن، والعراق، بحيث يتناولون إشكاليات تطرح خطورة التطبيع التربوي الذي يشمل
الاستراتيجيات، والبرامج، والطرق والأساليب والمجالات التربوية التي يُحاول أن
ينفذ من خلالها الكيان الصهيوني الغاصب، مقدّمًا نفسه ككيان طبيعي في جسد الأمّة
الإسلامية والعربية.
معالي القاضي محمد وسام مرتضى
دعا معاليه إلى التطبيعَ الحقيقيَّ، الذي رأى أنه لا محيد عنه، بأن يكونُ بإعادة الأمور
إلى طبيعتِها، أي باجتثاث الاحتلال وتحرير الأرض واسترجاع الحقوق، معلنًا "لا
وألف لا للتسليم بالاحتلال أو لتسويق العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية معه".
وهذا يدفعُنا بحسب القاضي مرتضى أن لا نكتفي بردّات الفعل، وإنّما عَقْدِ العزائمِ
والأفكار على العمل بصورةٍ إيجابيةٍ لإبراز عناصر شخصيَّتِنا القومية،
بمقوِّماتِها الثقافية ومكوِّناتِها الاجتماعية، لإيضاح حقيقتِنا الحضارية التي
تفضحُ ادِّعاءاتِ الاحتلال وبطلانَها.
وأردف "لقد استفاد الكيانُ المغتصب بامتداداته في المحافل الدُّوَلية والمجتمعات الغربية، مما أحدثَتْه الثورة الرقمية، فراح يسوِّق لمستوطنيه كلَّ فضيلةٍ وللعربِ كلَّ نقيصة، ويُظهِرُ أهلَ فلسطين ظالمين معتدين، والغزاةَ روَّادَ حداثةٍ في حالة الدفاع عن النفسِ. كما روِّجَ لتعابير وأفكارٍ ومصطلحات تزوِّرُ الماضي وتشوِّهُ الحاضر .. حتى باتت أجيالٌ كثيرة في العالم تتلقّى منذ صفوفِها المدرسية تعاليم مشوَّهةً عن المنطقة العربية وعن فلسطين، فيها توقيرٌ للصهاينة وتحقيرٌ للعرب .. في مقابل تشرذم القوى العربية وفقدانِ معظمِها لخطةِ مواجهةٍ علميةٍ واضحة".
وتوجّه وزير الثقافة اللبناني للأخوة العرب
بكل محبة قائلاً " لا غنى لكم عن بيروت فهي عاصمةُ العروبة التي تخرَّجَتْ من
جامعاتِها عقولٌ عربيةٌ نيرةٌ تبوأَت أعلى المناصبِ في السياسة والعلوم والمجتمع،
وهي عاصمةُ الفكر التي منها انطلقت العقائدُ السياسية والأحزابُ الوحدويةُ
والتياراتُ القومية الجامعة، هي عاصمةُ الثقافة التي أوقدت للعربِ شعلةَ النهضة
ومصباحَ الحداثة، وهي أكثرُ عواصم العالم استحقاقًا لاحتضان قضايا الإنسانِ
والقيم، والفكر والمعرفة والوطنية".
وقبل افتتاح جلسات المؤتمر سلّم معالي القاضي
محمد وسام مرتضى بحضور كلٌّ من الدكتور قصير والدكتور مكحّل درع عربون وفاء وتقدير
لروح المناضل الدكتور سماح ادريس باسم "المؤتمر الإسلامي العربي لمناهضة
التطبيع التربوي" لصديقه ورفيق نضاله والعضو المؤسّس في حركة مقاطعة داعمي إسرائيل
في لبنان الدكتور عبد الملك سكّرية.
الدكتور عبد الله قصير
تساءل منسّق المؤتمر عن أهمية انعقاد مؤتمر عن
التطبيع التربوي تحديدًا وفي هذا التوقيت، وأوضح أنّ مركز الأبحاث والدراسات
التربوية عمل بالتعاون مع اتحاد المعلّمين العرب خلال السنتين الماضيتين برصد ومسح
علمي شامل للبرامج والمناهج التعليمية العربية، وقد وجدنا فيها العجب العجاب، من
ضروب التشويه للتاريخ والحقائق في ما يخص الصراع العربي الصهيوني"، فقد حلّت
القدس كعاصمة لدولة إسرائيل (مكان فلسطين) في منهج يدرّس لأطفالنا وأجيالنا الصاعدة،
وأعلن رئيس لجنة الدفاع والخارجية في الاتحاد الإماراتي عام 2020 في تصريح لقناة
الغد انّه سيتم تغيير الخطاب الديني والمناهج التعليمية حتى يشعر الإسرائيلي
بالطمأنينة والانتماء". وأضاف قصير "يُبنى اليوم في دولة الإمارات مركز
عبادة (للديانة الإبراهيمية) هذه البدعة للأديان المختلفة الجديدة ليست سوى عباءة
للتطبيع الديني الذي بدأت ملامحه تظهر في زيارات متبادلة ولقاءات ومؤتمرات، فهناك
سعي جاد من قِبل المطبّعين ــ لكي وعي الأجيال. إنّ التطبيع التربوي يستهدف العقول
الناشئة ووجدانهم لتغييب قضية فلسطين والقدس (كقضية مركزية للعرب والمسلمين)، وتغييب
الصراع العربي الإسرائيلي ومجازر 48 وحروب 67 و73 واحتلال 82 وتحرير 2000 وانتصارات
2006 والحروب على غزّة والانتصارات للمقاومة".
أهدافهم، أي التطبيع على كل المستويات".
الدكتور هشام مكحّل
تحدّث الأمين العام لاتحاد المعلّمين العرب عن أهمية انعقاد هذا المؤتمر في الوقت الذي راحت أنظمة التطبيع تبالغ في ارتمائها على اعتاب العدو الصهيو أميركي، بكل ذل ونذالة، دون وازع من دين أو رادع من ضمير. معتبراً أنّ التطبيع مرفوض جملة وتفصيلا بكل مجالاته سواء أكان سياسيا أم اقتصاديا ام دبلوماسيا ام سواه، ولا بدّ من مجابهته. وأكّد على وجوب مقاومة التطبيع التربوي بلا هوادة، بكل الأساليب وأطراف المنظومة المقاومة: من خلال الأسرة، والمدارس والجامعات والمعاهد والكلّيات. موضّحًا استهداف عقول أجيالنا في محاولة لغسل الأدمغة من كل القيم والمعارف والمواهب، ووحشوها بالغث من الأفكار وسفاسف الأمور".
قدّم المؤتمر المنسّق العلمي للمؤتمر الدكتور علي كريّم،
وتناول في جلساته الأربعة دراسات متخصّصة تمحورت حول:
ـــــــــ الجلسة الأولى بعنوان "دور المؤسسات التربوية
والأكاديمية في مناهضة التطبيع التربوي"، قدّمت فيها مداخلة
تناولت "مخاطر التطبيع التربوي عبر المؤسسات التربوية والأكاديمية
ودورها في مناهضة ذلك" للدكتور جلال فيروز من البحرين، وهو محاضر في الجامعة العالمية
للعلوم ـــــــ لندن، تلاها مداخلة ثانية بعنوان "التطبيع
في التعليم: دراسة لحالة المناهج في باكستان" قدّمها الدكتور أبو حسن بخاري
من باكستان وهو باحث في القانون الجنائي في مركز إقبال الدولي للأبحاث. أدار الجلسة الدكتور عباس خاميار المستشار الثقافي للجمهورية
الإسلامية في لبنان.
ـــــــــ الجلسة الثالثة بعنوان "دور البحث العلمي في مناهضة التطبيع التربوي"، تتناول المداخلة
الأولى "التطبيع من داخل الإطار الفكري والعلمي والتربوي: الصراع العربي
الإسرائيلي ونهاية الدولة القومية"، تقدّمها الدكتورة خديجة الصبّار من
المغرب، وهي باحثة في الفلسفة وأستاذة في كليّة الآداب والعلوم الإنسانية. يليها مداخلة
ثانية بعنوان "دور البحث العلمي والتربوي في مناهضة التطبيع"، للدكتور مصدّق
الجُليدي من تونس، وهو رئيس الفرقة البحثية في مركز حوار الحضارات والأديان
المقارنة. إدارة الجلسة للدكتور مصطفى الزغبي، وهو أستاذ جامعي وباحث أكاديمي
وقانوني.
يختتم المؤتمر أعماله اليوم بالإعلان عن التوصيات التي ستتابع من
قِبل أمانة سر دائمة منبثقة عنه، بعد تحويل توصياته إلى خطط وبرامج تترجم أهداف
وغايات المؤتمر. كما يّمكن
متابعة فعاليات المؤتمر وجلساته من خلال البث المباشر على صفحاته التي أنشأت لهذه
المناسبة على مواقع التواصل الاجتماعي المتعدّدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق