مقام فاطمة الزهراء في عالم الملكوت وحقيقتها في العالم النورانّي

 

 من هي فاطمة (ع) في ذكرى شهادتها  لابد أن نقف وفقة تأمل في حقيقتها النورانية العرفانية ، لكي نُدرك تماماً أنّ فاطمة ليست إنسان عادي ، حتى يُوليها أبيها رسول الله (ص)هذا الاهتمام ويُكنيها بأم أبيها ، فاطمة (ع) هي الحوراء الانسية هي خير أهل الارض ،

فاطمة الحديث عنها هو حديث عن الله تعالى ، لوحدة الرضا والغضب بينهما ، فهو سبحانه يرض لرضاها ويغضب لغضبها ، حتى أصبحت حجة على الائمة (ع) كما قال: الصادق (ع) نحن حجة الله على الخلق واُمنا فاطمة حجةٌ علينا} فنحن نهتدي باُمنا الزهراء ، ففاطمة هي الطاهرة النقيّة التي وصلت الى قاب قوسين او ادنى }

يُسأل الصادق (ع) لماذا سُميت بفاطمة  ؟

فأجاب : لان شيعتها فُطموا عن معرفتها "

فطاحل العلماء عجزوا عن كُنه معرفتها ، يوم القيامة يأتي النداء طأطؤا رؤوسكم لتجوز فاطمة على الصراط ، وأول من يدخل الجنة فاطمة ، يقول : الصادق(ع)إنها لتلتقط شيعتها كما يلتقط الطير حبّ الجيد من الحب الرديء}

فتشفع لشيعتها ومحبيها ومحبي محبيها ، ويُقال : أن مهرها هو الشفاعة لشيعتها "

فالمعرفة الفاطمية هي حقيقة وجودية في أعلى المراتب الوجود لأنها الكوثر هي بضعة رسول الله محمد (ص)  أطهر الوجود هي من ذاك الطهر من تلك الشجرةالتي عندما عرج ابيها الى السماء ،ودخل الجنة 

واكل من تفاحها ورطبها فتناول من ثمار الجنة ومن شجرة فاطمة فتحولت ، نوراً في صلبه ثم هبط الى الارض فواقع خديجة فحملت منه بفاطمة "

ومن ثمَ كان النبي يشمّ منها رائحة الجنة فكان كلما اشتاق الى الجنة يشمّ منها رائحة الجنة }

فهي من صلب خاتم الانبياء  ، خُلقت من محمدي علوي قبل ادم بألاف السنين ، فتكونت نطفتها من اعالي الجنة ، ونطقت وتحدثت في بطن امها حتى قال : عنها جبرائيل عنها أنها النسلة الطاهرة الميمونة ، كانت انيسة امها خديجة (ع) تلك المرأة المجاهدة التي وهبّت ثروتها لرسول الله لنصرة دين الله تعالى ، واَثرت اخرتها على دنياها واختارت من هو الاجدر والاصلح لضمان اخرتها حتى ادى ذلك الى وحدتها وعزلها  عن الناس تركوها نساء قريش وحدها لانها قبلت بالنبي محمد (ص) فكانت ابنتها فاطمة في بطنها تحدثها وتؤنسها في وحدتها،

حتى كان الرسول (ص) عندما يدخل الحجرة يسمعها تتحدث يقول: يا خديجة مع من تتحدثين تقول :

الجنين في بطني يُحدثني ، فكانت عهدة ابيها عندما يسافر اَخر ما يودع فاطمة وحينما يرجع من السفر اول ما يسلّم على فاطمة، ويقول [ فاطمة روحّي التي بين جنبّي ] من اَذاها فقد اَذاني ومن اَذاني فقد اَذى الله سبحانه }

يقول: الامام الخميني "

《الزهراء كائن ملكوتّي ليست الصدّيقة كباقي الخلق ولا إمراة عادية وإنما في عالمها الباطني المعنوي كانت ملكوتّي تجلّى في الوجود بصورة إنسان وظهر على هيئة إمراة بما إجتمع فيها من المظاهر الالهية والابعاد المعنوية،

والجوامع الملكوتية يقول :

إنّ مختلف الابعاد التي يمكن تصورها للمرأة وللأنسان تجسدت في شخصيتها ، لم تكن إمراة عادية بل إمراة ملكوتية روحانية كانت إنسان بتمام معنى الكلمة" حقيقة الانسان الكامل فهي جامعة لكّل خصال الانبياء ومقاماتهم، التي بلغوها بما إشتملت عليه من مضامين مجتمعة في السيدة فاطمة (ع) لقد وصلت الى مالم يصلوا إليه وهذا ما حصل مع النبي (ص) في سير معراجه الى السماء السبع ، كما في الروايات " المعراج "

" لو دنوّت أنمُلة لأحترقت "وورد 《عنهم  عليهم السلام إنّ لنا مع الله حالات لايسعها ملك مُقرب ولا نبي مرسل 》فمثل هذه الروايات تُصدق طبقاً للروايات عنها (ع) ولا يعني ذلك أن تكون خليفة أو حاكماً او قاضياً ، بل هي شيء أبعد من الخلافة والحكومة ، لذلك فإنّ قولنا ان فاطمة لم تتولّى الحكم ، لا يعني ذلك تجريدها من منزلة القرب تلك ، إنها المراة التي لو كانت رجلاً لكانت نبياً ،من هنا نُدرك محبة رسول الله (ص) لها بأنها لم تنبأ عن حب عاطفي ، بل كانت تنبأ عن حب ملكوتّي خالص لله تعالى ففاطمة لايعرف مقامها إلا الله والرسول وعلي ولايعرف مقام الرسول وعلي إلا الله وفاطمة ، فمحورية الحبّ الالهي كانت مُحاطة  بمحمد وعلي وفاطمة ،

{ففي الحديث : القدسي " لولاك يا محمد لما خلقت علي ولولا علي لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما "

فعلى معرفتها دارت القرون الاولى "ومعناها أنّ الامم السابقة كانت تعرف الزهراء (ع) وكانت تفتخر بها وتتوسل بها وأنه ما تكاملت نبوة نبي إلا بها وبالايمان بها ومعرفة حقّها ،كما انه فسّر ذلك : بما يرتبط بالولاية التكوينية وانها مدار الوجود منذ بدئه ،فهي المركز الاساسي الثابت لمدار المخلوقات وكل الموجودات لانها نفس محمد وروحه التي بين جنبيه وفي الحديث" بنا بدأ وبنا يختم " فنحن عندما نبحث عنها إنما نبحث عن سرّ وجودها واول مُعرّف عنها هو القراَن الكريم ، إنّ أعطيّناك الكوثر"فهي مفتاح رسول الله مفتاح قلبه إذا اردنا نيل رض رسول الله (ص)فالنُرضي فاطمة (ع)بالاقتداء بسيرها وسلوكها نستحضر سيرتها في حياتنا وفي كل جانب من جوانب حياتنا اليومية فهي المدرسة المتكاملة للرّقي المعنوي ، نحن مدينون لعطاءاتها وتضحياتها لقد كانت الام والسند لابيها ورفيقة دربه في احنك الظروف في المعارك  كانت تسانده وتواسيه احزانه ،تكفكف دموعه وتداوي جراحاته

هذا النبي العظيم كانت جنبا الى جنبه لقد ادّت الدور العاطفي الذي كانت تؤديه الام تجاه ابنائها ،

حتى قال ؛ فاطمة امّ أبيها ، فكان ينظر إليها كمقياس لرض الله وغضبه ، وهذا المقياس حجة،

علينا لقد أنجبّت لنا مفاخر قدمّت للعالم الحسن والحسين (ع) الذين حققّ العدالة الالهية ،

ودفعت الحسين (ع) لثورة هي من اكبر الثورات وهيأت إبنتها زينب لتكمّل الطريق الى الله تعالى 

لقد دفعت الزهراء ضريبة ، ابنائها على مذبح الحق في سبيل ان تحيّى الامة ، وتتحقق العدالة الالهية ،

 فالزهراء روحي لها الفدا ، تركت لنا رسالة عنوانها : الدفاع عن الولاية ولو كلفنا حياتنا ، هذه الولاية التي من اجل الدفاع عنها اَدى الى إسقاط جنينها المحسن ، وكسر ضلعها ، وعصرها وراء الباب وحرمانها من حقها ، حتى بلغت مظلوميتها الى حّد منعها من البكاء على ابيها رسول الله، فبنى لها علي (ع)بيت الاحزان  لان اهل المدينة ضجّت من بكائها ، واهم ما يجب ان نفهمه ،من فلسفة بكائها ، انّ بكاء الزهراء ليس على أمرٍ دنيوي ، بغض النظر انها سلبّت حقها وحُرمت من ارثها ، بكاء فاطمة كان بكاءاً هادفاً ثورياً يوصل الى معنى ، بكائها كان على الدين ،

لان حلال محمد اصبح حراماً وحرام محمد اصبح حلال، وهذه الحجة ثانية علينا ، فهذه المظلومية اَدت الى شهادتها في سبيل الدفاع عن دين الله  ، وفي سبيل الله ، وتركت ابنائها ورحلت عن عمر يناهز ثمانية عشر سنة مظلومة مقهورة مغصوبة حقّها مكسورة الضلع مُحمرة العين ،كل ذلك لاجل بقاء الاسلام عزيزا ويبقى صوت الحق هو المنتصر ، وكلمة الله هي العليا وكلمة الشيطان هي السفلى ، فعليك مني السلام ايتها الشهيدة 

يوم ولدّت ويوم استشهدّت ويوم تّبعث حياً "رزقنا الله شفاعتها وحشرنا الى جوارها في جنة الله ،

بقلم هدى الموسوي