عقد مركز الأمة الواحدة للدراسات الفكرة والاستراتيجية ،بالتعاون مع مؤسسة عاشوراء الدولية ندوة فكرية إعلاميّة جمعت نخبة من العلماء ورجال الدين ، والاعلاميين من العالمين العربي والإسلامي ،تحت عنوان (دور الاعلام في إحياء عاشوراء)،تخليدا لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام ،وتعزيزا للدور النهضوي الذي قام به.
افتتحت الندوة بآيات بينات من الذكر الحكيم. للقارىء الدولي محمد شحيمي،وكلمة ترحيبية لرئيس مركز الأمة الواحدة جناب السيد فادي السيد الذي سلط الضوء في كلمته على معنى الشعيرة وماهيتها وكيفية التعامل معها كي تبقى في الإطار الذي جعلت من أجله ، منطلقا من الايات القرآنية التي تؤكد على احياء وتعظيم الشعائر ، واظهار اهدافها وفق التعاليم الالهية دون تعريضها للتشويه والخروج عن حدود العقل والمنطق ،وركز السيد ،في كلمته على الجانب الإعلامي في إحياء الشعائر الدينية والتي تحتوي على ركنين ،ركن الاعلام وركن النشر وحفظ الاهداف التي جاءت من أجلها ، وتابع السيد ،أن الشعائر جاءت لتوضح وتبرز الصورة الحقيقية بعاشوراء الحسين ، كما شعائر العبادات فيها النية لا الاظهار ،كذلك الشعائر فيها نية التقرب الى الله واحياء مظلومية اهل البيت عليهم السلام ،وختم القول،أن الاعلام على ثلاثة انواع :الاعلام الخبيث ،يسعى لتشويه صور عاشوراء وكربلاء الحقيقية ،من خلال تلك الممارسات الخاطئة الدخيلة على الشعائر الحسينية ، والاعلام التقليدي،الذي يصور المشهد العاشورائي على انه طقوس بكاء ونحيب ،واسطورة ،وحقبة تاريخية ،او قصة من نسج الخيال ، والنوع الثالث ، هو الاعلام الذي يتوسع باحياء الشعائر ، ليجعلها شمولية ، انسانية نهضوية ،لا تنحصر بالحزن واللباس والرايات فقط ، ودعا سماحته الى تطبيق عاشوراء قولا وعملا من خلال تجسيد عاشوراء في حياتنا اليومية كما فعل الامام علي بن الحسين عليه السلام لتصبح سلوكا ينتهجه الانسان ليرتقي به الى المراتب العليا في الدنيا والاخرة ، وقدم انموذج فهم الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني الراحل ،الذي اطلق شعار (كل ما لدينا من عاشوراء الامام الحسين)حيث حول الشعائر الحسينية الى سلوك ثوري لنصرة المظلومين والمستضعفين في العالم .
رئيس مؤسسة عاشوراء الدولية ،آية الله الشيخ محمد حسن أختري ، ميّز بين ثلاثة أنواع من الإعلام ،الاعلام الضال ، والاعلام العبثي ،والاعلام الهادي ،وقال ان الاعلام الضال ،اراد أن يشوه ويغير من اهداف الثورة الحسينية ،ويحاول الاساءة الى رموزها ، كما هي الحال مع الاعلام المعادي للاسلام الذي يخدم الامبريالية العالمية واتهم هذا النوع من الاعلام بالسعى لتشويه القضية الفلسطينية وبتغيير الحقائق ،ليعكس الصورة الحقيقة للجمهورية الاسلامية في ايران خدمة للعدو الامريكي والاسرائيلي ،واشار اية الله اختري الى دور الاعلام العبثي الذي يسعى لزرع الفتن وتأجيج النعرات الطائفية خدمة للاعلام الامبريالي ، كما اوضح بان الاعلام الهادي الذي يعد رسالة انسانية تكشف الحقائق ،وترفع مستوى الوعي لدى الشعوب ،وتقدم الخبر كما هو بحقيقته ،مشددا على ضرورة تبني هذا النوع من الاعلام الذي للمساهمة في بناء صروحه ،ودعم اعلاميّه، وتابع اية الله اختري القول ،انه على جميع المؤسسات الاعلامية ان تتعاون وتتضافر جهودها ، لتوظيف مكتسباتها وخبراتها في سبيل اظهار الحق والحقيقة ،وتوضيح نهج اهل البيت الحقيقي ، فلو علم الناس محاسن كلامهم لاتبعوهم كما عبر الامام الرضا عليه السلام ، وختم سماحته ،بتوصيات من شانها دعم الاعلام والاعلاميين الرساليين ،داعيا الى التفكير بمسؤولية أمام الله والأمة والضمائر الحية في العالم والسعي الدائم لتقديم الافضل للجمهور وتعريفه على حقيقة عاشوراء الامام الحسين عليه السلام ،من خلال صناعة الافلام في السيرة الحسينية ،وتوظيف الشعر والنثر في المراثي والاناشيد ،والابداع في النشاطات الروحية.
الصحافي الفلسطيني الدكتور عبد الرحمان جاسم ، تناول في كلمته الرسومات والتصاوير العاشورائية ومدى تأثيرها في ايصال الثورة الحسينية الى الناس ، متسائلا عن الرابط الذي يجمع كل الرسامين الذين رسموا واقعة الطف رغم البعد الجغرافي بينهم ،وحتى الاديان فكل مكان في اقطار العالم. ،قد عبر بطريقته عن احياء ذكر اهل البيت عليهم السلام ، واضاف ان هذه التصاوير وغيرها انما جاءت لتعبر عن هوية اهل البيت عليهم السلام من خلال تحدي القمع الاموي الذي مارسه الحكام انذاك وتوضيح المشهد المأساوي لواقعة الطف ، بالاضافة الى تعزيز المشاهد البطولية للحسين واصحابه ،وتابع القول،ان مثل هذه الرسومات ، تعتبر وسيلة من وسائل المقاومة للعدو الذي اراد تغييب الفكر الصحيح وتشويه واقعة الخطف كما يفعل العدو الاسرائيلي اليوم بفلسطين التي هي كربلاء هذا العصر.
الاعلامي الاستاذ محمد شري ركز في كلمته على الإعلام الرسالي الهادف والإعلام المضلل الذي يريد اسقاط مشروعية النهضة الحسينية ومفاهيمها وأهدافها..حيث قدم عدة تساؤلات ذات شأن عقدي وإعلامي وسياسي من خلال مقاربة تاريخية متخذا القضية الفلسطينية نموذجا واعتبر شري ان الخيانة العظمى لفلسطين جاءت بإسرائيل وجعلتها تقوى وتتمركز وتتحكم في الدول العربية والمناطق الفلسطينية ، والذي قام بدعمها ومساندتها هو الإعلام الذي شوه الحقيقة وغير معادلات وبدل الحقائق لاظهار العدو بصورة منمقة بعيدة عن التشويه.واتهم هذا نوع من الإعلام بالسعى لتشويه صورة المقاومة وطمس إنجازاتها وأهدافها الحقيقية بغية تضييع الحقوق وإماتة الحق وتابع شري القول إن إحياء مراسم عاشوراء هو فرصة تاريخية كبرى للامة لتغيير من خلال معالمها ومفاهيمها ،والدليل على ذلك أن القافلة ستستمر كما هو الحال مع المقاومة .وراي ان نهضة الامام الحسين عليه السلام ومفاهيمها العاشورائية ستبقى خالدة بالمقاومة والشهداء سائرون على درب امام الاحرار وكذلك الزينبيات امهات وزوحات الشهداء .
وختم بالقول أن فعل الامام الحسين عليه السلام هو فعل مقاوم بالسلاح لاجل انتصار الحق على الباطل لذا يجب تكثيف الجهود والخبرات وتبادل الأفكار على كافة الأصعدة وكافة الاختصاصات لاسيما الاعلامية لنقل الصورة الصحيحة لهؤلاء والمقاومة ..ونحن قادرون على ذلك .في مواجهة الغطرسة الإعلامية العالمية واضاف ان الإعلام المقاوم الرسالي ليس مجرد وظيفة إنما هو رسالة سامية ترقى إلى مرتبة العلماء والأنبياء.
الصحافي والباحث السياسي قاسم قصير تحدث في كلمته عن دور الاعلام واهميته في تشكيل الوعي والرأي العام ،فقط اعتبر أن الاعلام يلعب اليوم دورا مهما في احياء ذكرى عاشوراء نظرا للحريات الواسعة في العالم والتطورات التكنولوجية والتي اتاحت الوصول إلى كافة أنحاء العالم بعيدا عن القمع والتضييق والذي كان يواجه احياء عاشوراء في القرون السابقة، ولفت الى انه أصبح بالإمكان تطوير كل وسائل الاحياءات واستخدام كافة الفنون والآداب والموسيقى والمسرح والتقنيات الحديثة إضافة لتطوير الاشعار والندبيات والمشاركة الفنية ، مع العديد من الشخصيات ومن مختلف الاتجاهات ،وتابع قصير القول ، لكن في الوقت نفسه فإن هذا التطور يحمّل اتباع الامام الحسين عليه السلام مسؤولية كبيرة في تطوير الخطاب العاشورائي وكل مراسم عاشوراء كي تكون بمستوى التحديات الجديدة فكريا وثقافيا وسياسيا وعلميا ولم يعد مقبولا تقديم أفكار أو معلومات غير دقيقة أو غير موثقة أو تثير السخرية والاستهزاء ،كما يحصل من قبل بعض قراء العزاء والخطباء وأصبحت مراسم عاشوراء تصل إلى كل العالم والعالم يراقب ويضع الامة أمام تحديات جديدة ، وختم بالقول ،لابد من تطوير ومراقبة الخطاب العاشورائي وتحديد أهدافه بما يتناسب مع المتغيرات العالمية،لما له من الاهمية البارزة في تغيير المسارات السلوكية للفرد والمجتمع.
الاعلامية والباحثة الإسلامية زينة جانودي اعتبرت أن الإعلام وسيلة ربط بين الشعوب ، بعضها ببعض وهو منبع الثقافة( وخصوصا في عالمنا العربي لأنه بعيد عن الكتاب ويأخذ معظم المعرفة والمعلومات من الإعلام ). واكدت الباحثة الاسلامية أن الشعوب الغربية وهذا رأيها الخاص ،ان لا صلة لهم بثقافة الكتاب لذا تتشكل ثقافتهم من وسائل الإعلام على كافة انواعها مشيرة إلى أن الاعلام سلاح ذو حدين وقد يلعب دورا مشوّها للحقائق.كما يحدث في العالم من التشوهات التي دخلت على الشعائر الحسينية ..وتابعت جانودي القول ان اهمية هذه الشعيرة في المعنى العام هي ربطها بالإعلام لتقوم الشعائر بتوثيق العلاقة بين الفرد وصاحب الذكرى .ولفتت الى الدور الكبير للاعلام في تلك تعزيز الشعيرة الحسينية والذي ظهر بالدور الذي قامت به العقيلة زينب عليها السلام بعد حادثة كربلاء..وختمت جانودي القول،مركزة على أهمية الإعلام المنصف في مواجهته الإعلام المحرّض.وشددت على ضرورة تركيز الإعلام على الدروس والحكمة والدور الإنساني للشعائر الحسينية وأهمية فهم الحقائق الحسينية والقضيّة التي استشهد الحسين من أجلها،كما دعت كل من لديه شأن في الاعلام على ضرورة مساندة المنبر الحسيني في نشر ثقافة الوعي والاعتدال والتعايش بمحبة وسلام مع الآخر ، وجعل قضيّة الحسين قضيّة جامعة ،لا قضية تفرقة.
الكاتب والباحث الاسلامي الشيخ توفيق علوية ..اعتبر في كلمته ان الدور الإعلامي يتجلي في إظهار الحقيقة . موضحا أن المشكلة الأساسية في العالم تتجسد بإخفاء الحقيقة العاشورائية وألاهداف التي خرجت من أجلها ثورة الامام الحسين عليه السلام .وشدد الشيخ علوية على ان الوظيفة الأساسية للاعلام هي اظهار الحقيقة وتثبيتها بقوة الإرادة التي تكمن في الإعلامي الرسالي.
الإعلامي سركيس الدويهي ركز في كلمته على المعاني الأخلاقية السامية في النهضة الحسينية ومقدمات النماذج القدوة في الحب الحسيني حيث نهضة الحسين تجمع المسلمين والمسيحيين خاصة وأن بين يدي الحسين استشهد جون ووهب النصرانيين واعتبر الدويهي انّ سيرةَ الإمامِ الحسينِ (عليه السّلام) هي مبادئُ، وقيمٌ، ومُثُلٌ، ثورةٌ اعظم من حصرِها في الأُطُرِ الّتي حُصِرَت بها. وعلى الفكرِ الإنسانيِّ عامّةً، أن يستذكرَها دائمًا وأبدًا ، وأن يستخلص منها الدّروسَ والعِبَرَ.واضاف ان شخصيّةُ الحسينِ (عليه السّلام) هي محيطٌ واسعٌ من المُثُلِ الأدبيّةِ والأخلاقِ النّبويّةِ، وثورتُهُ فضاءٌ شاسعٌ من المعطَياتِ الأخلاقيّةِ، والعقائديّةِ، والإنسانيّة.وتابع القول ..إنّ الحسينَ (عليه السّلام) لا يخصُّ فئةً من النّاسِ، ولم يأتِ من أجلِ مرحلةٍ عابرةٍ تنقضي بانقضاءِ الحدثِ فسيّدُ الشّهداءِ (عليه السّلام) هو ذُروَةُ التّكامُلِ العقائديِّ ، والأخلاقيِّ، والإنسانيِّ الّذي يصبو إليهِ كلُّ إنسانٍ ، مهما كانَ مذهبُهُ وطائفتُه ، وقد تركَ للتّاريخِ الإنسانيِّ كربلاءَ، تلك الجامعةَ الزّاخرةَ بالأدبِ الثّوريِّ، والعقائدِ الجَمَّةِ، والمُثُلِ العُليا، والقيمِ السّامية...واشار الى انّ ثورةَ الإمامِ الحسينِ (عليه السّلام) تختزلُ أهدافَ الأديانِ السّماويّةِ على امتدادِ الأزمنةِ ، وهي ثورةُ إنسانيّةٌ شاملةٌ لا تُحدُّ بزمنٍ أو مكانٍ. ودعا الدويهي الإعلاميّينَ العاشقينَ لأهلِ البيت (عليهم السّلام) أن يعرّفوا النّاسَ على أبطالِ كربلاء، وعلى الثّورةِ الحسينيّةِ وأسبابِها، وأبعادِها ، ونتائجِها، وأن ينشروا المبادئَ العاشورائية ، والقيمَ، والأخلاقَ التي ترسخ روح ، الإباءِ ورفض الذّلِّ والهَوانِ، لتنتقل بذلك من مقاومة الفسادِ ، والكفرِ، والانحرافِ، مرورا بمواجهةِ الطّغاةِ والمستكبرينَ، إلى إحقاقِ الحقِّ وإزهاقِ الباطلِ ، وإلى الإيثار، والبذلِ، والتّضحيةِ، والفداءِ، وصولا إلى الثّورةِ من أجلِ الإصلاحِ في الأمّة، إلى الصّبر، والشّجاعةِ، والولاءِ، والوفاءِ...تابع القول إنّ ثقافةَ عاشوراء هي الثّقافةُ الّتي يجبُ أن نتحلّى بها، والهُويّةُ الّتي ينبغي أن نحمِلَها.وختم قائلا :أنا، كمسيحيِّ، يهمّني إبرازُ شخصيّتَي وهب وجون المسيحيّين اللّذين ناصرا الإمامِ الحسين (عليه السّلام) واستُشهِدا بين يديه.فوهب مثّلَ أعلى مراتب التّضحيةِ والفداءِ، وجون جسّدَ أسمى درجاتِ الوفاءِ والولاء...كما وتوجه بتحية للكتّابَ، والأدباءَ، والشّعراءَ المسيحيّينَ الّذين تغنّوا بأهل البيتِ (عليهم السّلام)، من جورج جرداق، إلى بولس سلامة، إلى جوزيف الهاشم، إلى أنطوان بارا، إلى غيرهم من العاشقين لأهل البيت (عليهم السّلام).مقدما نموذجا وتحية لبلدة القصيرة الجنوبية التي أحييتُ عاشوراءَ هذه السّنة ، ،وعمل المنظمون على إبرازِ الثّورةِ الحسينيّةِ بصورتِها الحقيقيّةِ ، لتعريفِ اللّبنانيّين إلى عظمةِ الحسين وأهلِ بيته (عليهم السّلام).
الاعلامية والأستاذة الجامعية الدكتورة زينب طحان قدمت باقة من الأسئلة والإشكالية حول الأدوار التي يقوم بها الإعلام في إبراز النهصة الحسينية مسلطة الضوء على التشوهات التي تحدثها بعض المنابر على السيرة الحسينية والتي ادت إلى تشويه المنير الحسيني وخلق العديد من الشبهات حول نهضة الامام الحسين الإصلاحية .معتبرة أن الاعلام الاسلامي مقصر في إبراز الحقائق وخاصة الإجابة على أسئلة ذات طابع عقائدي أو اجتماعي من ناحية إبراز الاحياء العاشورائي دون سواه من مراسم عزاء الأئمة الآخرين عليهم السلام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق