المؤشر الحقيقي لسلامة الدين في حديث الامام الجواد عليه السلام - مركز الأمة الواحدة
المؤشر الحقيقي لسلامة الدين في حديث الامام الجواد عليه السلام

المؤشر الحقيقي لسلامة الدين في حديث الامام الجواد عليه السلام

شارك المقال


اننا وعملا بمنهجيتنا التي نعتمدها دائما في احياء امر محمد وال محمد (ص) اعني تحديد وظيفة عملية عند ذكرهم ، نعمد هنا الى ذكر حديث للامام الجواد (ع) نحدد من خلاله الوظائف العملية .

مركز الامة الواحدة - مقالات -  بقلم الشيخ توفيق علوية 

قال (ع) أوحى الله إلى بعض الأنبياء: أما زهدك في الدنيا فتعجلك الراحة ، وأما انقطاعك إلي فيعززك بي. ولكن هل عاديت لي عدوا وواليت لي وليا. صدق ولي الله .

نعم الزهد يعطي راحة ، لانه عملية تخفف من شيء ثقيل ، فهو بالحقيقة يكسب الانسان راحة نفسية وراحة خارجية .

الا ترى ان الاثرياء يذهبون الى اماكن بعيدة بعيدة عن اثقال اعمالهم وممتلكاتهم ويحاولون الاسترخاء في تلك الاماكن من خلال العيش بكل بساطة .

ان الدنيا برمتها بالنسبة الى البصير بها هي عبء ثقيل عليه وتركها اكبر راحة له .

واسمحوا لي بتمرير هذه الفكرة النقدية هنا حول الزهد ، هذه الفكرة مفادها : ان الكثير من طلاب العلم او الفضلاء يتوجهون الى الناس بالقول : الزهد ليس ان تمتلك الشيء بل ان لا يمتلكك الشيء . ومثل هذا المضمون بعبارات والفاظ مختلفة .

يعني انك قد تجد عالما يقود سيارة باهظة الثمن ولكنه من اهل الزهد لانه يمتلك السيارة ولكن السيارة لا تمتلكه وهي لا تعني له شيئا . وهكذا في سائر الممتلكات .

نحن بدورنا نقول : اسمحوا لنا ايها الاحبة ! ايها الاعزة ! فالامر بالتنظير وبالصالونات الادبية والمراكز البحثية ممكن . ولكن هذا الامر بالواقع ومع الناس ليس كذلك .

فالفلاح وعامل الاجرة والبائع الجوال والمهني وغيرهم من ابناء هذه الطبقة الكادة لا يستطيعون التفكيك بين حديث العالم عن الزهد وبين سيارته الباهظة الثمن او قصره العالي !

انهم مباشرة يحدثون انفسهم بالقول : ها هو يتحدث عن الزهد فيما سيارته بالسعر الكذائي وبيته بالمبلغ الكذائي !!

فالحل اذن ان يتحدث من يمتلك المال والمتاع عن كل شيء الا عن الزهد ، فليتحدث عن العلم وعن الشجاعة وعن مجاراة الحداثة وغير ذلك وهكذا . ولكن لا يتحدث عن الزهد لانه لن يستطيع اقناع من لا يقتنع بالجمع بين كون الانسان مالكا للاشياء وبين كونه غير مملوك لها .

ان الامام الجواد ( ع) يريد افهامنا من خلال هذا المقطع عن الزهد بأن الزهد ليس مؤشرا عاما على صحة الايمان ، فقد يجتمع الزهد مع مجاراة اعداء الله المتعال والسكوت عن مخازيهم كما حصل ذلك فعلا مع بعض الزهاد في ظل ظلم الدولة الاموية ، وكما حصل فعلا مع بعض الزهاد في ظل الدولة العباسية .

فالزهد اذن ليس مؤشرا مقوما للايمان فضلا عن كونه يعود بالفائدة على الانسان في الدنيا لانه يؤمن له الراحة والبعد عن القلق والاضطراب والحرص ، وهذا ما صرحت به العلوم المرتبطة بتحقيق الذات .

هذا في الزهد ، واما في الانقطاع الى الله المتعال بحسب حديث الامام الجواد ( ع) ، فإن الانقطاع الى الله المتعال يعطي نتيجة قوية في الدنيا وهي التعزز بالله المتعال .

فالمنقطع الى الله المتعال بالعبادة والتضرع والخشوع والدعاء والمناجاة يتعزز بالله المتعال فلا يصيبه الذل البتة ( الهي هب لي كمال الانقطاع اليك ) .

والسؤال : هل الانقطاع الى الله المتعال هو المؤشر الحقيقي والمقوم على صحة الايمان ؟

الجواب : كلا . فليس هو المؤشر الحقيقي على صحة الايمان وليس هو المقوم الصحيح للايمان .

والدليل على ذلك هو نفس كلام الامام الجواد ( ع) عقيب هذه العبارة : واما انقطاعك الي فيعززك بي ، ولكن هل عاديت لي عدوا وواليت لي وليا .

فالانقطاع الى الله المتعال ما لم يقترن بمعاداة اعداء الله وموالاة اولياء الله المتعال ليس مؤشرا على صحة الدين والايمان .

فمن الممكن ان تكون من الطراز العبادي الاول ، من الطراز التضرعي الاول ، من الطراز الركوعي والسجودي الاول ، من الطراز الاعلى في صلاة الليل ، وفي تلاوة القران ، وفي الابتهال والمناجاة لله المتعال ، ولكن ما هو المؤشر العام على صحة وسقم كل عباداتك وكل انقطاعك لله المتعال ؟ ما هو المصحح لكل ذلك والحابط لكل ذلك ؟

انه يدور مدار الولاية والبراءة وجودا وعدما !! الولاية لاولياء الله والمعاداة لاعداء الله المتعال .

في عهد الانبياء والاوصياء (ع) كان المؤشر الصحيح على التدين والايمان معاداة اعداء الانبياء والاوصياء وموالاة اولياء الانبياء والاوصياء .

وفي عهد الاسلام والى الان المؤشر الصحيح للتدين والايمان هو ولاية محمد وال محمد ومعاداة اعداء محمد وال محمد . هذا معنى : ولكن هل عاديت لي عدوا وواليت لي وليا .


 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق