تحل علينا ذكرى استشهاد الامام محمد الجواد عليه السلام في الثلاثين من ذي القعدة سنة ٢٢٠هجرية من خلال السم الذي دسته له زوجته ام الفضل بمشاركة المعتصم العباسي وكان عمره الشريف 25 عاما .
الامام الجواد عليه السلام الذي كان معروفا بالقانع والمرتضى والنجيب والتقي والزكي كان اوحدي عصره وفريد دهره ؛ كيف لا وقد قال والده الامام الرضا عليه السلام في حقه حينما تمت ولادته الميمونة : ولد لي … شبيه عيسى ” . باعتبار ان الامام الجواد عليه السلام تسلم الامامة وله من العمر تسع او عشر سنين .
ونحن ننهل من مدرسة الامام الجواد عليه السلام من خلال دروس نستلهمها من قصة وردت في سيرته عليه السلام .
كان المامون العباسي متوجها الى الصيد اللهوي في موكب عظيم مع اتباعه وحراسه وخدمه وحشمه ، وكان هناك اطفال يلعبون على الطريق والامام الجواد عليه السلام الذي كان صغيرا في السن كان على نفس الطريق ، فتفرق الاطفال خوفا واتقاء من شر الموكب ومن فيه ، ولكن الامام الجواد عليه السلام بقي مكانه غير ابه ، فلفت نظر المامون فساله لماذا لم تهرب مع من هرب ، اجاب الامام عليه السلام : ان الطريق لم يكن ضيقا حتى اوسعه ، ولم ارتكب ذنبا حتى اخشى العقوية . فاعجب به المامون كثيرا وخصوصا عندما ساله عن اسمه وعرف انه ابن الامام الرضا عليه السلام . ثم ان المامون يذهب للصيد وهناك يطلق احد صقوره فيحلق ثم يعود وفي منقاره سمكة صغيرة تكاد ان تموت، فيمسكها بقبضة يده ، وعند عودته يلتقي بالامام عليه السلام فيساله على نحو الاختبار قائلا : قل اي شيء في يدي ؟؟ فيجيب عليه السلام : ان الغيم حين ياخذ من ماء البحر بداخله سمك صغار ، فتسقط منه ، فتصطادها صقور الملوك ، فيمتحنون بها سلالة النبوة ! فالرياح التي تهب على الشواطئ والبحار تحمل السمك الذي يكون على السطح وتصعد به الى الجو ، وتبقى الاسماك بين اطباق الغيوم حتى تمطر فتعود فتسقط مع المطر . ففي مدينة شادكان جنوب ايران عام ١٤٠٦ ه امطرت السماء ضفادعا بنفس هذه الطريقة !!
نستفيد من هذه القصة عدة امور منها :
الامر الاول : عدم الانبطاح وعدم اذلال النفس امام الجبابرة والمتكبرين والملوك والزعماء والرؤساء !! هكذا يعلمنا الامام الجواد عليه السلام حيث لم يأبه بموكب ملك زمانه المأمون !! والعجيب من الناس في هذا الزمان انهم ينبطحون ويبالغون في احترام نائب او وزير او مدير او صاحب رتبة مع ان بناهم التحتية مهترئة ولا ماء ولا كهرباء ولا استشفاء ، ولا ينتفعون منهم لا دينيا ولا دنيويا !!
الامر الثاني : توسعة طريق المسلمين وعدم تضييقها والعمل على عدم الازدحام لا سيما ازدحام السيارات !! فبعض الناس يضيقون طريق المسلمين باحتلال اجزاء من الطريق العامة لحساب محلاتهم التجارية او مواقف سياراتهم او لاماكن جلوس الشباب مع النراجيل بالرغم من مرور النساء !! وفي اوقات الصلاة تزدحم الطرقات بالسيارات بدلا من فراغها بسبب انشغال كل شخص بصلاته لا سيما في المساجد !! فالمساجد في وقت الصلاة خالية والطرقات مزدحمة بالازدحام الخانق والمميت !! وهناك مشكلة اخرى وهي مرور المواكب لاصحاب المناصب تماما كموكب المأمون العباسي حيث يتم فرض اخلاء الطرقات او ضرب الناس او اهانتهم لاجل مرور زعيم سياسي ربما يكون مستعجلا لكونه حاقنا او لحضور حفل مجون وغير ذلك !!
الامر الثالث : العمل لعدم صيرورة النفس الانسانية خائفة من ذنبها يوم القيامة ، فالامام الجواد عليه السلام قال للمأمون { ولم ارتكب ذنبا حتى اخشى العقوبة }.
الامر الرابع : ان الذين يزعمون معرفتهم باحداث المستقبل عليهم تحديد الامور التفصيلية الجزئية بالوصف الدقيق حتى نصدقم لا ان يتكلموا بأمور عامة غامضة بحيث اذا حصل اي حدث يقال : صدقت توقعاته !! كما عليهم ان يثبتوا ان كل ما حدثونا عنه يتحقق!! لا ان يتحقق نسبة منه ولا يتحقق الباقي !! فمثلا لو اخبرنا نبي من الانبياء عن مائة حادثة وصدقت نصفها فلا يكون نبيا ، بل اذا كذبت واحدة لا يكون نببا !! امامنا الجواد عليه السلام اخبر عن سمكة صغيرة بعينها كانت في يد المأمون واخبر عن تفصيل صيدها من قبل الصقر وكيفية حصول ذلك !! في كتابنا { الكنز واللؤلؤ الدفين في علم الغيب واليقين } اثبتنا اكثر من مائة قصة عن علم المعصومين عليهم السلام بما سيجري وبالجزئيات وبالتفصيل الدقيق !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق