الشيخ توفيق علوية في الدرس المسجدي : لهذا بدأت امامة الامام الجواد عليه السلام مع صغر السن وهذا هو درسه العملي .
في مسجد الامام المهدي عجل الله فرجه تحدث الشيخ توفيق علوية عن ذكرى ولادة الامام التاسع من ائمة اهل البيت عليهم السلام الامام محمد بن علي الجواد .
فالحديث عن الامام الجواد عليه السلام ينطوي على نقطتين اولهما الامامة مع صغر السن . وثانيهما درس عملي من وحي كلماته عليه السلام .
النقطة الاولى : الامامة مع صغر السن : فمن المعلوم ان الامر عندما يكون شأنا من شؤون الله المتعال لا يعود لمقايسينا ومعاييرنا اي اهمية في قبول شيء او رفضه طالما ان عقولنا اقرت بأن لله المتعال الارادة الكنية والقدرة اللا محدودة !!
والامامة شأن الهي له معاييره الغيبية الخاصة !! ومسألة كون الانسان حجة لله على الخلق بالرغم من صغر سنه اقرها القران المجيد لنبيين عظيمين هما عيسى ويحي عليهما السلام !!
فعيسى عليه السلام نطق بالحجة وهو ابن يوم واحد ويحي عليه السلام اتاه الله المتعال الحكم وهو ابن ثلاث سنوات .
وهكذا اتهام يوسف عليه السلام بالفجور من قبل زليخا لم يكن ليتم رفعه بالادلة الظاهرية فكان ان حكم الطفل الصغير بحكم اخرس متهمي يوسف عليه السلام !! وهكذا في بدايات الحروب الاسلامية ضد المشركين فإن الاسباب الظاهرية لوحدها لم تكن كافية فاحتاج الامر الى ملائكة والى ريح ونعاس وبث اطمئنان !!
وامامة الامام الجواد عليه السلام الذي ولد في العاشر من رجب – وان كان للكليني والشيخ المفيد وغيرهما رأي بتولده بشهر رمضان – سنة ١٩٥ للهجرة والذي والدته خيزران من افريقيا ؛ فإن توليه منصب الامامة مع صغر سنه يجري في نفس هذا المجرى !! والامام الرضا عليه السلام يشبهه بموسى وعيسى عليهما السلام فيقول :” قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار وشبيه عيسى بن مريم قدست ام ولدته وقد خلقت طاهرة مطهرة ” .
وما الضير في كون من القابه التقي والجواد والمنتجب والمرتضى والمختار والمتوكل والقانع والزكي والعالم ان يكون حجة الله على الخلق وهو الذي اجاب في مجلس واحد عن ثلاثين الف مسألة في مختلف العلوم في مؤتمر علمي واحد وواسع حضره كبار العلماء في عصره ؟؟!! وهذا معمر بن خلاد يحدثنا عن الامام الرضا عليه السلام بحديث يقول فيه : ” انا اهل بيت يتوارث اصاغرنا عن اكابرنا القذة بالقذة “. والقذة مثل يضرب للمتساويين
النقطة الثانية : الدرس العملي : قال الامام الجواد عليه السلام : ” من استغنى كرم على اهله . فقيل له : وعلى غير اهله ؟ قال : لا . الا ان يكون يجدي عليهم نفعا .ولما قيل له : ان الناس يكرمون الغني وان كانوا لا ينتفعون بغناه . قال عليه السلام : لان معشوقهم ( وهو المال ) عندهم .صدق ولي الله .
وهذا الحديث يحكي واقع حياة الناس !! فالشاب الذي لا يعمل ولا يأتي بالرزق يرميه اهله بالفشل وينعتونه بنعوت الخمول والكسل وقلة الحيلة وعدم الاعتماد على الذات ولا يلبون طلباته ولا يحترمونه !! وعندما يعمل ويدر الرزق يصبح مكرما معززا عند اهله واسرته فيباركون كل ما يقوم به !! فإن نام لا يزعجونه ليرتاح !! وان طلب طلبا يلبونه له !! وان تكلم يسمعون له !! وهكذا رب الاسرة ان كان كافيا لعائلته واهله فإنه يكون محلا للاكرام والاعظام عندهم بخلاف ما اذا كان غير كاف ولا منفق عليهم !!
اما المستغني عند غير اهله فانهم لا يكرمونه الا اذا تصدق على الناس واعطى واطعم !! واكرام الناس للاغنياء الذين لا ينتفعون منهم ليس لاجل اشخاصهم بل لاجل ان ما يعشقونه من المال[وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا] موجود عندهم !! وكأنه اعتراف ضمني لهؤلاء الاغنياء بأنهم اهل جدارة واهل شطارة وحذاقة لانهم حصلوا على ما لم يحصل عليه غيرهم حتى ولو بالحرام والسرقة والاحتكار والربا والغش والظلم والقتل والخيانة والعمالة !! والعجيب من المواطنين الذين يكرمون اصحاب المناصب الرسمية الذين يسرقون ويحتكرون ويغصبون ويظلمون وبمسؤولياتهم لا يقومون مع ان الاولى ضربهم بالاحذية بدلا من اكرامهم !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق