تحدث الشيخ توفيق علوية في ندوة حول اية الله الشهيد الشيخ نمر باقر النمر اقامها مركز الامة الواحدة للدراسات الفكرية والاستراتيجية بمشاركة مجموعة من الشخصيات النخبوية . ومما جاء في الكلمة :
يقول الله المتعال في القران المجيد : {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢)وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (١٣)وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (١٤)وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا } .
جملة من الصفات التي زكى بها الله المتعال النبي بحي عليه السلام في القران المجيد وهي :
- اخذ الكتاب بقوة .
- موهوب الحكم منذ الصبا .
- موهوب الحنان الالهي .
- موهوب التزكية الالهية .
- التقوى .
- البر بالوالدين .
- عدم كونه جبارا عصيا .
ان التصرفات بخصوص حفظ الدين الحق والحجج الالهيين يمكن تقسيمها الى ثلاثة اقسام :
الاول : التصرف الالهي المحض ولا دخل للعمل البشري به البتة .
الثاني : التصرف موكول للبشر لتنفيذ الارادة الالهية ، واذا كان هناك قصور بشري فإن التدخل الالهي يأتي لجبر هذا القصور ، فيبقي الجهود البشرية ، وما تعجز عنه الجهود البشرية يجبره التدخل الالهي المباشر ، نظير ما حصل في معركة بدر الكبرى .
الثالث : التصرف البشري المحض لحفظ الدين وحجج الله المتعال بحسب قانون الاسباب والمسببات التي وضعها الله المتعال .
اننا اذا اتينا الى النبي يحي عليه السلام والى الامام الحسين عليه السلام نجد ان هناك اوجه شبه بينهما .
ومن مظاهر اوجه الشبه هذه ان دعاء زكريا عليه السلام بالرزق بالولد قد تمت الاستحابة الالهية له والبشارة بيحي عليه السلام في شهر محرم وهو الشهر الذي استشهد فيه الحسين عليه السلام ، فقد ورد في عيون الأخبار عن الريان بن شبيب قال : دخلت على الامام الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم فقال: يا ابن شبيب أصائم أنت ؟ فقلت : لا . فقال : إن هذا اليوم الذي دعا فيه زكريا عليه السلام فقال ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ﴾ فاستجاب الله و أمر الملائكة فنادت زكريا و هو قائم يصلي في المحراب ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى﴾ فمن صام هذا اليوم و دعا الله عز و جل استجاب الله له كما استجاب لزكريا عليه السلام .
ومن مظاهر اوجه الشبه بينهما ما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال : ما بكت السماء و الأرض إلا على يحيى بن زكريا و الحسين بن علي عليهما السلام . وفي خبر اخر : بكت السماء عليهما أربعين صباحا و كذلك بكت الشمس عليهما و بكاؤها أن تطلع حمراء و تغيب. و قيل أي بكى أهل السماء وهم الملائكة.
ومن اوجه الشبه بينهما مدة الحمل كما في الاخبار ، حيث ورد ان حمل يحيى عليه السلام ستة أشهر و حمل الحسين عليه السلام كذلك .
ومن اوجه الشبه ان القتلة هم من اولاد البغايا ، ففي قصص الراوندي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : إن عاقر ناقة صالح كان أزرق ابن بغي ، وإن قاتل يحيى بن زكريا ابن بغي ، وإن قاتل علي عليه السلام ابن بغي . وكانت مراد تقول : ما نعرف له فينا أبا و لا نسبا ، وإن قاتل الحسين بن علي عليه السلام ابن بغي ، وإنه لم يقتل الأنبياء و لا أولاد الأنبياء إلا أولاد البغايا.
ومن اوجه الشبه بينهما انه لم يكن من قبلهما سميا ، في قوله تعالى ﴿لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ . ففي الحديث قال : يحيى بن زكريا عليه السلام لم يكن له سميا قبله و الحسين بن علي عليه السلام لم يكن له سمي قبله .
ولهذا السبب كان الامام الحسين عليه السلام كثيرا ما يذكر النبي يحي عليه السلام ، فعن الامام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام قال : خرجنا مع الحسين عليه السلام فما نزل منزلا و لا ارتحل منه إلا و ذكر يحيى بن زكريا عليه السلام . وقال الامام الحسين عليه السلام يوما : إن من هوان الدنيا على الله عز و جل أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل .
من هذا المنطلق ياتي الحديث عن اية الله الشهيد الشيخ نمر باقر النمر من ناحيتين :
الناحية الاولى : الموقف الحسيني : فقد اخذ الشيخ الشهيد من نهج الحسين عليه السلام كل مواقفه بلسان : تعلمت من الحسين عليه السلام . فاخذ الموقف الحسيني في كل وقفته الحقة وثورته المحقة ، اخذ من الحسين عليه السلام موقف هيهات من الذلة ، واخذ منه موقف الاباء ، واخذ منه موقف الوقوف بوجه الظالمين ، واخذ منه موقف الاصلاح ، واخذ منه موقف المطالبة بالسير بسيرة الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم ، واخذ منه موقف استنقاذ الناس من الجهالة وحيرة الضلالة ، واخذ منه موقف الدفاع عن حقوق المظلومين والمستضعفين والمصطهدين والمعذبين ، واخذ منه موقف الكلمة المسؤولة التي لا تراجع عنها ، واخذ منه درس التضحية والايثار ، ولهذا ارتقى شهيدا على ايدي اصحاب النهج السفياني .
الناحية الثانية : النتيجة اليحياوية : ان صح التعبير ، فقد اخذ النبي بحي عليه السلام موقفا الهيا امام الملك الظالم وان اختلفت الاقوال حول حقيقة ما هو سبب اتخاذ هذا الموقف وانه هل هو تشريع زواج المحارم او غير ذلك . نعم وان اختلفت الاقول حول ذلك الا ان الواقع يشهد ان النبي يحي عليه السلام كان له موقفا متعارضا مع الملك ولهذا اقدم على قتله بسبب هذا الموقف ، وفي الخبر عن الحسين عليه السلام ان راس النبي يحي عليه السلام كان مهرا لبفي من بغايا بني اسرائيل .
اذا لاحظنا هذه القضية وطبقناها على اية الله الشهيد النمر نجد ان قطع رأس الشيخ النمر انما مرده الى موقفه الحق والصلب والالهي بوجه الظالمين على نهج وهدي النبي يحي عليه السلام .
واما الانتقام الالهي من المجرمين الذين قتلوا الشيخ الشهيد النمر فهو تماما على هدي النبي يحي عليه السلام سوف يتحقق على يد الله المتعال ، فكما انتقم الله المتعال من قتلة يحي عليه السلام فكذلك سينتقم انشالله من قتلة الشيخ الشهيد النمر .
فإن دم النبي يحي عليه السلام لم يرقأ ولم يسكن حتى انتقم الله المتعال من قاتليه وان دم الشيخ الشهيد النمر لن يرقأ ولن يسكن حتى ينتقم الله المتعال من قتلته ، وقد ورد عن الامام الصادق عليه السلام انه قال : إن الله عز و جل إذا أراد أن ينتصر لأوليائه انتصر لهم بشرار خلقه و إذا أراد أن ينتصر لنفسه انتصر بأوليائه و لقد انتصر ليحيى بن زكريا ببختنصر . وهكذا سينتصر الله المتعال للشيخ الشهيد النمر من قتلته انشالله تعالى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق