عنوان الكلمة التي القاها الشيخ توفيق علوية في ندوة ( الاسىرة النموذجية في الاسلام ) التي اقامها مركز الامة الواحدة للدراسات الفكرية والاستراتيجية بمناسبة ذكرى رحيل ام البنين عليها الرضوان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين ، وبه نستعين ، وصل اللهم على محمد رسول الله ، وعلى اله الاطهرين الاكرمين .
المنتدون الكرام . سلام من الله عليكم جميعا ورحمة منه وبركات .
يقول الله المتعال في القران المجيد : {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣)سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار} وقال تعالى حكاية عن دعاء حملة العرش للمؤمنين وللاسرة الصالحة : {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم}
هنا الحديث عن الاسرة الجنتية ان صح التعبير ، الاسرة التي تدخل الجنة بشرط ان تكون اسرة صالحة .
ان الاسرة ممر اجباري للمجتمع ، وهي التي تزود المجتمع بمنتجاتها الايجابية او السلبية ، فالفرد له دخل في تكوين الاسرة ، والاسرة لها دخل في تكوين المجنمع ، وكل ذلك بحسب العوامل المؤثرة في الاسرة من قبيل العامل الجغرافي والديمغرافي والبيئي والاقتصادي والايديولوجي وغيرها والتي وصلت معنا في بعض بحوثنا الى عشرة تقريبا ، ومن هذا المنطلق فإن منطق الحياة يقول بلسان اجتماعي يقيني فصيح : ان اعطيتني اسرة صالحة فإنني اعطيك مجتمعا صالحا ، وان اعطيتني اسرة فاسدة فإنني اعطيك مجتمعا فاسدا .
ان خير نموذج بالنسبة الينا كدينيين اولا وكمسلمين ثانيا وكمتشرعة ثالثا هي الاسرة الاسلامية الاولى التي تتصدرها اسرة محمد وال محمد عليهم الصلاة والسلام كما سياتي في خاتمة البحث ، فاذا لاحظنا الاسرة المدنية الاولى على سبيل المثال نجد ان الله المتعال يقول :
{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } فنجد ان الله المتعال تحدث عن التلازم بين البناء المادي والبناء المعنوي { الدار والايمان } وتحدث عن ثلاث صفات لبناء البيئة الصالحة التي قوامها الاسرة الصالحة وهي :
أ - الحب : {بحبون من هاجر اليهم } ومن يحب الاخر بدافع الهي سيحب بعضه بنفس الدافع
ب - القناعة : { ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا }
ج - الايثار : { ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة }
والمنطلق لهذه الامور الثلاثة ماذا ؟ انه الايمان . { والذين تبوؤا الدار والايمان } .
نحن ما يهمنا في بحثنا هو الحديث عن الاسرة القرانية من ناحية الايثار والتضحية ، لان اهتمامنا هنا هو اهتمام قراني .
كثيرا ما تتلازم كلمة التضحية مع الايثار وبالعكس ، ومن المعلوم ان بعض الالفاظ المتلازمة في الاستعمال كالقضاء والقدر والاسراف والتبذير والعدل والانصاف وغيرها ، اذا اجتمعت دلت على معنى واحد واذا افترقت كان لكل لفظ معنى غير الاخر ، هنا في التضحية والايثار هكذا .
القران المجيد صرح في بعض سوره واياته عن بعض الاسر المضحية وفي بعض اياته اشار الى ذلك . وكنموذج عن الاسرة التضحوية الايثارية نذكر خمسة نماذج ورد ذكرها في القران بالاجمال ، وهذا لا يعني عدم وجود غيرها وانما هدفنا هو تقديم النماذج :
1 - الاسرة الابراهيمية : فمن الاسر التضحيوية الايثارية البارزة التي وردت في القران المجيد الاسرة الابراهيمية ، في قضية ذبح اسماعيل عليه السلام ، فهذه الاسرة بلغت اوج التضحية حتى صار عيد الاضحى عيدا ببركة قصة تضحيتها . صحيح ان التضحية بالذبيح اسماعيل عليه السلام لم تصل الى مرحلة التنفيذ الا ان الحالة النفسية التي عاشتها هذه الاسرة وصلت الى درجة كأنها قامت بالتضحية الى ان افتدى الله المتعال الذبيح اسماعيل بكبش حنيذ .
يقول الله المتعال حكاية عن ابراهيم عليه السلام : { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠)فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١)فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣)وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤)قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥)إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦)وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨)سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩)كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين} .
والقصة معروفة اذ ان الله المتعال امر ابراهيم عليه السلام بذبح ولده اسماعيل عليه السلام فامتثل هو وزوجته هاجر وولده اسماعيل على حد سواء ، وقد حاول ابليس الكثير من المحاولات لحرف هذه العملية التضحوية عن مسارها الالهي الخالص الا انه قوبل بالرجم ، فكان هناك ضغط خارجي على هذه الاسرة تمثل بابليس وضغط داخلي تمثل بالعاطفة التي تضغط على الانسان ، واستطاعت هذه الاسرة التغلب على كل هذه الضغوط . على ان هذه القصة ليست هي فقط مثار الايثار التضحوي بل هناك قضايا اخرى من قبيل القناعة بالسكن ، فقد اسكن ابراهيم عليه السلام زوجته هاجر وابنها في متطقة مهجورة {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} ، وهكذا القناعة في الطعام والشراب ومن هنا نشات قضية زمزم .
ان هذه التضحية الايثارية لم تكن تنشا لولا مقوماتها التي هي : اليقين { ليطمئن قلبي } ليس لاجل معرفة ربه وانما لاجل الخلة ، ومنها محاربة الاصنام ، ومنها : الحالة المسجدية والتربية المسجدية : {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧)رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} ، ومنها : الصلاة والقيام والقنوت { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠)شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١)وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} ، ومنها التأوه والحلم { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ } ، وغير ذلك .
2 - أسرة ال ياسر : الاسرة الثانية التضخيوية الايثارية هي اسرة ياسر وسمية وابنهما عمار في قوله تعالى :{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
هذه الاية كما ذكر بعض المفسرين نزلت في عمار بن ياسر حينما تم قتل والديه سمية وياسر على يد ابي جهل وجماعته من المشركين ، حيث ان عمار اعطاهم بلسانه ما يريدون وبقي قلبه مطمئنا بالايمان ، فقال قوم : كفر عمار . فقال صلى الله عليه وآله وسلم كلا : إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه . وجاء عمار إلى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهو يبكي ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما وراءك ؟ . فقال : شر يا رسول الله ، ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح عينيه ويقول : إن عادوا لك فعد لهم بما قلت .
ان هذه الاسرة المضحية عاشت التوحيد الحقيقي وبذلت لاجل كلمة التوحيد كل التضحيات ، وكان الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم عندما يرى هذه الصور الفظيعة من تعذيب ال ياسر كان يقول : صبرا يا ال ياسر فإن موعدكم الجنة .
3 - الاسرة الثالثة : الاسرة الحزقيلية : حزقيل - او حزبيل - في قضية الماشطة . ففي بحار الانوار : قالت الرواة: كان حزبيل من أصحاب فرعون نجارا، وهو الذي نجر التابوت لام موسى حين قذفته في البحر ، وقيل: إنه كان خازنا لفرعون مائة سنة وكان مؤمنا مخلصا يكتم إيمانه إلى أن ظهر موسى عليه السلام على السحرة فأظهر حزبيل إيمانه، فأخذ يومئذ وقتل مع السحرة صلبا، وأما امرأة حزبيل فإنها كانت ماشطة بنات فرعون وكانت مؤمنة.
وروي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة ، فقلت لجبرئيل : ما هذه الرائحة؟ قال: هذه ماشطة آل فرعون وأولادها كانت تمشطها فوقعت المشطة من يدها فقالت: بسم الله، فقالت بنت فرعون: أبي ؟ فقالت : لا بل ربي وربك ورب أبيك ، فقالت: لأخبرن بذلك أبي ، فقالت: نعم ، فأخبرته ، فدعا بها وبولدها وقال: من ربك ؟ فقالت: إن ربي وربك الله ، فأمر بتنور من نحاس فأحمي فدعا بها وبولدها، فقالت: إن لي إليك حاجة ، قال: وما هي ؟ قالت : تجمع عظامي وعظام ولدي فتدفنها. قال : ذاك لك لما لك علينا من حق ، فأمر بأولادها فألقوا واحدا واحدا في التنور حتى كان آخر ولدها وكان صبيا مرضعا ، فقال: اصبري يا أماه إنك على الحق ، فألقيت في التنور مع ولدها .
لاحظوا عظمة هذه الاسرة في مسالة القتل صبرا على نهج النبي موسى عليه السلام ، وكيف كانت تشكل البيئة الحاضنة للنبي موسى عليه السلام .
4 - الاسرة الرابعة : اسرة زكريا عليه السلام : فزكريا ويحي كانا من الشهداء كما لا يخفى ، وقد ذكرهما القران المجيد في عدة ايات نظير قول الله المتعال : { وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (٨٩)فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } . فقد عانت هذه الاسرة كزوج وزوجة قبل الانجاب كثيرا ، وبعد الانجاب كثيرا ، وقد نتج عن هذا المسار التضحوي لزكريا ويحي عليهما السلام نتيجة عظيمة هي الشهادة عبر القتل ، اما يحيى عليه السلام فمن المتفق انه قد تم ذبحه على يد حاكم عصره الظالم ، واما زكريا عليه السلام فهناك بعض الروايات قد اشارت الى نشره بالمناشير وقتله بهذا الاسلوب البشع بعد اتهامه بالتهم الهجينة . لاحظوا مواصفات هذه الاسرة : المسارعة الى الخيرات ، والصلاة لله المتعال والاستغراق في جمال الله وجلاله ، الخشوع لله المتعال ، بالاضافة الى الصفات الاخرى بحق هذه الاسرة المذكورة في الايات القرانية .
5 - الاسرة الخامسة : اسرة اهل البيت عليهم السلام : الذين نزلت في خصائصهم سور وايات عديدة ، منها سورة الانسان المعروفة بسورة الدهر . فقد قال الله المتعال : {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٧)وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨)إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩)إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (١٠)فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١)وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا } .
فهذه الاسرة العظيمة التي هي اعظم اسرة وجودية ، بحسب هذه الايات القرانية لديها صفات :
أ - الوفاء : التي هي اعم من النذر الذي يصلح كشاهد ، فهم في اعلى درجة الوفاء بكل التزاماتهم . وهذا درس لكل اسرة ان تعيش الوفاء بكل التزاماتها لاسيما بالنسبة لتربية الاولاد .
ب - العطاء لوجه الله : والاطعام يصلح كشاهد ، والا فالعطاء لوجه الله المتعال هو بمعنى اعم .
ج - الخوف من الله المتعال : والخوف كما لا يخفى له مراتب ، وهم عليهم السلام باعلى مراتب الخوف اي باعلى مراتب مظهر وجوهر الجلال كما انهم عليهم السلام باعلى مراتب مظهر وجوهر الجمال .
ام البنين فاطمة بنت حزام الكلابية امراة بلغت عظمة شديدة بترشح من هذه الاسرة ، اسرة محمد وال محمد عليهم الصلاة والسلام ، فقد تلقفت فرصة شرف الانتساب السببي لهذه الاسرة العظيمة الذي منحه لها الامام علي عليه السلام لتكون خير من ينتسب سببيا لهذه الاسرة النبوية الشريفة وخبر من ينتسب عمليا وولائيا ، فاستطاعت تتبع خطاهم عليهم الصلاة والسلام ، واقتفت اثارهم بجدارة ، حتى وصلت الى ما وصلت اليه ، فهي لم تكن مجرد وعاء تكويني لانجاب الابطال كما هو الشائع في الاذهان وانما كانت صاحبة شخصية لها قيمتها الذاتية من جهة ، ولها دورها العظيم من جهة اخرى ، فقد عاشت الى جانب سموها الديني والعقائدي والفقهي ؛ اعلى درجات القيم الانسانية ، ولو تحقق الانصاف وانتفى الاعتساف لكان ينبغي تقليد ام البنين عليها الرضوان اعلى وسام للقيم في كل دفاتر الوجود الحقوقية والميثاقية والاممية ، فلقد جعلت من نفسها واولادها شرطا من شروط سلامة المعصوم عليه السلام وشرطا من شروط مواساة فاطمة الزهراء وزينب الحوراء عليهما السلام ، وكان شرط رضاها على اولادها ان لا يعودوا بسلامة ان لم يعد سيدهم الحسين عليه السلام ، وما اقتران اسم ولدها العباس عليه السلام باسم الحسين عليه السلام واقتران قبته الشريفة بقبة الحسين عليه السلام الا خير شاهد على عظمة هذه المراة وعظمة تربيتها المباركة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق