ورد في كتاب الكافي الشريف لثقة الاسلام الكليني قدس الله نفسه الشريفة ان سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام اقبلت الى الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم تشكوه بعض امرها ، فاعطاها صلى الله عليه واله وسلم كربة ( اي لوحا ) وقال : تعلمي ما فيها ، واذا فيها : من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يؤذي جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليسكت ". صدق رسول الله وصدقت ابنته عليهما الصلاة والسلام .
تحدثنا في الدرس السابق عن موضوع الجار ، وعن موضوع الضيف ، والان نتحدث عن موضوع قول الخير والحق او الصمت وفاقا لفقرة [ ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليسكت ].
فهناك اكثر من خمسين معصية قولية لسانية اغلبهن من الكبائر ، كالكذب والغيبة والنميمة وقول الباطل والحلف الباطل والفتنة التي هي اشد من القتل وشهادة الزور والسخرية والاستهزاء وغيرها ، ويكفي في كل ذلك الكذب ، فالكذب على سبيل المثال لوحده تكفل بوجود اديان وشرائع وفرق ومذاهب محرفة تسببت في اضلال الكثير من البشر ، وبناء على ذلك فإما قول الحق واما الصمت ، ولذا فإن القدر المتيقن من قول الخير والصدق تلاوة القران المجيد من دون كل تلك التعقيدات التي وضعها اصحاب شعار حسبنا كتاب الله ، فيتلو القران بحسب اللفظ العربي السليم وكفى . فهو كتاب عربي لا كتاب تخصص تجويدي ، وهو كتاب ذكر لا كتاب غناء ومقامات !! وهو كتاب لكل الناس لا لخصوص اصحاب الاداء والاصوات !!
ومن القدر المتيقن لقول الصدق وقول الحق المواظبة على الصلاة في وقتها ، والمواظبة على تسبيح الزهراء عليها السلام فهو الذكر الكثير كما عن المعصومين عليهم السلام ، والمواظبة على دعاء كميل ، وذكر الصلاة على محمد وال محمد ، ودعاء الحجة عجل الله فرجه ، فهذه الستة اعني القران المجيد ، والصلاة ، ودعاء كميل ، وتسبيحة الزهراء عليها السلام ، وذكر الصلاة على محمد وال محمد ، ودعاء الحجة من القدر المتيقن لقول الصدق والحق والخير . وهناك دائرة اوسع لقول الخير تشمل القران المجيد ، والصلاة بانواعها المختلفة فهي قربان كل تقي ، والادعية بالعموم لا خصوص دعاء كميل ، والاذكار بالعموم لا خصوص تسبيحة الزهراء عليها السلام ، وزيارات المعصومين عليهم السلام ، ونهج البلاغة ، والتبرك بالاخبار الشريفة الواردة عن اهل البيت عليهم الصلاة والسلام نظير كتاب تحف العقول عن ال الرسول عليهم الصلاة والسلام .
ولا يتوهمن متوهم ان المواظبة على هذه الستة التي هي قدر متيقن اعني القران والصلاة بوقتها ودعاء كميل وتسبيحة الزهراء وذكر الصلاة على محمد وال محمد ودعاء الحجة عجل الله فرجه الشريف امر بسيط وسهل !! فإن في ذلك كل الموفقية .
ان الله المتعال يقول في القران المجيد : {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } . فاللسان ينطق بالحق حتى لو كان مخالفا لمصالح الاقرباء والاحباء ، كما ان الله المتعال دعانا في الكثير من الايات ان نكون من اهل الصدق وبأن لا نكون من اهل الكذب ، والرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم اوصى الامام علي عليه السلام بالصدق بالرغم من ان الامام علي عليه السلام من اعظم الصادقين والرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم يعلم منه ذلك ، الا ان المسألة هي مسألة بيان اهمية الصدق ، والامام الصادق عليه السلام يقول لاحدهم بأن امير المؤمنين عليه السلام لم يصل الى ما وصل اليه الا بصدق الحديث واداء الامانة . فاي انسان اذا دار الامر بين ان يتكلم بغير الخير وبين السكوت فالسكوت هو الافضل ، نعم ورد ان الكلام له افات والسكوت له افات ، فإن سلما من الافات فالكلام افضل من السكوت ، لانه بالكلام عرفنا فضل السكوت كما ورد عن المعصوم عليه السلام .
بعض الناس وللاسف الشديد يقولون الكثير من الكلام المتضمن للشرور والفتن وبعد الانتهاء يقولون : لنلتزم السكوت افضل !! الان انتم لم تتركوا شيئا من الشر والفتنة الا وتحدثتم به ثم تقولون : لنلتزم الصمت افضل ! عن اي صمت تتحدثون ؟ لماذا لم يتقرر لديكم الالتزام بالصمت والسكوت قبل الكلام من رأس ؟
السيدة الزهراء عليها السلام كما في الخبر عن الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم تقول لكل احد : اذا كنت تؤمن ايمانا حقيقيا بالله المتعال وصفاته ، وكنت تؤمن حقيقة بالمعاد وبأنك ستقف يوم القيامة للحساب والسؤال فضع كلامك في ميزان العدل والصدق والحق والمسؤولية وحسن العاقبة فإن كان متطابقا مع هذه الموازين فقل وان لم يكن متطابقا مع هذه الموازين وسيجعلك في دائرة تحمل عذاب تبعات هذا اللسان وتبعات تاثيراته الواسعة التي يصل الى ابعد الاباعد باسرع وقت فدعه خيرا لك وازكى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق