ورد في كتاب الكافي الشريف لثقة الاسلام الكليني قدس الله نفسه الشريفة ان سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام اقبلت الى الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم تشكوه بعض امرها ، فاعطاها صلى الله عليه واله وسلم كربة ( اي لوحا ) وقال : تعلمي ما فيها ، واذا فيها : من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يؤذي جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليسكت ". صدق رسول الله وصدقت ابنته عليهما الصلاة والسلام . هنا ثلاثة موضوعات : الجار - الضيف - قول الخير او الصمت .
الاول : الجار : ومساحة إشعاع الجار مكعب اربعين دارا كما في الاخبار الشريفة ، والترجمة العملية للايمان بالله واليوم الاخر عدم اذية الجار . اذ ان العلاقة مع الجار على نحوين :
النحو الاول الاهتمام والاعتناء بالجار : ومن مظاهر الاهتمام والاعتناء بالجار ان لا يبيت مبطانا وشبعانا وجاره جائع ، ولذلك كانت هناك عادة جميلة معمولة عند الناس معروفة بالسكبة والاشتهاء !! اي يقول الجار للجار بعد طبخ طعام او اعداد طعام : اشتهينا لكم هذه السكبة !! واشتهينا لكم هذا الطعام !! وما ناظر ذلك وشابهه وشاكله وماثله !! وقد ورد هذا تصا في الاخبار الشريفة .
وهذا مظهر من مظاهر الاهتمام بالجار ، ومن مظاهر الاهتمام بالجار ما ورد عن الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم حيث قال : " إن استغاثك أغثته، وإن استقرضك أقرضته، وإن افتقر عدت عليه، وإن أصابته مصيبة عزيته، وإن أصابه خير هنأته، وإن مرض عدته، وإن مات اتبعت جنازته، ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، وإذا اشتريت فاكهة فأهد له ، فان لم تفعل فأدخلها سرا، ولا تخرج بها ولدك تغيظ بها ولده، ولا تؤذه بريح قدرك إلا أن تغرف له منها " . ومن مظاهر ذلك كما في رسالة الحقوق للامام السجاد عليه السلام حفظه غائبا ، واكرامه شاهدا ، ونصرته اذا كان مظلوما ، ومعاشرته معاشرة كريمة ، وبالخلاصة تنزيل الجار محل النفس كما في بعض الاخبار .
النحو الثاني : عدم ايذاء الجار : وهو محل الشاهد من خبر الزهراء عليها السلام الذي بدأنا به الخطبة ، فإن لم ترد الاهتمام بالجار ، فعلى الاقل عدم اذيته ، فعموم اذية الناس لاسيما المؤمن حرام فما بالك بالجار ؟؟!! والله المتعال يقول في القران : { والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا } .فاذا كانت اذية الناس بهذه الحرمة الشديدة فكيف بالجار ، وفي بعض الاخبار الاستعاذة من جار تراقبني عيناه وترعاني اذناه !! وقيل لاحد الاشخاص : بكم تبيع دارك ؟؟ قال : بنصف سعرها ! لماذا بنصف سعرها ؟؟ لان الجار سيئ !! فجار السوء يرخص الدار !! وقيل لاخر لماذا ترفع سعر دارك الى درجة الضعفين ؟؟ فاجاب : لانني ابيعكم دارا وجارا صالحا !! فالجار الصالح يرفع سعر الدار !! انظروا الى بعض الاحياء كيف ينتقص سعر الدار فيها بسبب النزاعات العائلية والخوات والمخدرات والصخب والضجيج والمفرقعات والازعاجات ؟؟؟!!!
ومن مظاهر عدم اذية الجار كما في الاخبار عدم تتبع عوراته وزلاته ، وعدم تسليمه للاعداء عند الشدائد ، وعدم حجب الهواء عنه ، وعدم التكبر عليه ، وعدم اذية مشاعره ان كنت مستطيعا وكان غير مستطيع ، وعدم الشماتة به ، وعدم اشهار واظهار وتكبير وتعظيم اي سيئة تكون له ، وعدم منع الماعون عنه وغير ذلك . ونختم هذا الدرس بالتذكير بحديث الامام الحسن المجتبى عليه السلام حينما راى الزهراء عليها السلام تدعو لغيرها ولا تدعو لنفسها ، حيث قالت له عليها وعليه السلام : يا بني الجار ثم الدار (يتبع )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق