السيدة زينب (ع) في الوجدان المصري
قدمت السيدة زينب (ع) برغبة منها إلى مصر، بعد أن أعطاها معاوية فرصة اختيار منفاها، واستقبلها والي مصر وأهل مصر استقبالا رائعًا غامراً، لم يسبق له مثيل، حيث فرحوا كثيراً بقدومها، وذلك حباً في جدها المصطفى- صلى الله عليه وآله وسلم- وتبركاً بنسبها الشريف.
وبعد الترحيب الكبير الذي لقيته السيدة زينب (ع) وكل من كان معها، دعت دعوتها الشهيرة لأهل مصر فقالت: “أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة مخرجا ومن كل ضيق فرجا”، فصارت مصر محروسة ببركة دعائها، وهى محروسة أيضاً بوجود مراقد لآل البيت (ع) الطيبين الطاهرين.
مركز الامة الواحدة - ابحاث اسلامية - بقلم الدكتورة الشيماء الدمرداش العقالي باحثة في الفكر والحضارة الإسلامية
بين أهل مصر وبين آل بيت رسول الله عامة، والسيدة زينب (ع) خاصة محبة لا حدود لها، تتجاوز كل المفاهيم والأديان والمعتقدات، علاقة محبة وقدسية تظهر وتتجلى في تفاصيل حياتهم، وأدبياتهم، وحتى في أعمالهم الفنية، حيثُ يُعد فيلم "قنديل أم هاشم" أحد علامات السينما المصرية والذي أظهر محبة الشعب المصري بكافة اطيافه لعقيلة بني هاشم سلام الله عليها، واعتزازه بمقامها الموجود في حي من أعرق وأكبر أحياء القاهرة يسمى باسمها (حي السيدة زينب).
وفي ذكرى مولد السيدة زينب، أو ما يعرف عند المصريين (بمولد السيدة) تجد آلاف المريدين والأتباع من عشاق آل البيت (ع) على مستوى الجمهورية يحتشدون بالقاهرة للاحتفال بأسبوع مولد السيدة زينب (ع)، كما يتم تجهيز المقام وتغيير ستائره القماشية البيضاء والخضراء، ويأتي الجميع راغبين عاشقين للسيدة زينب (ع) سائلين المدد والغوث والشفاء.
حين استقرت سيدتنا زينب في أرض مصر وهبها والي مصر آنذاك قصره كله للإقامة فيه، لكنها اكتفت بغرفة واحدة فقط في القصر، أقامت السيدة زينب في هذه الغرفة وجعلتها مكاناً لتعبدها وزهدها، وتحولت هذه الغرفة بعد وفاتها إلى مقامها الآن، فتسمى هذه الغرفة مقام السيدة زينب (ع). وأوصت السيدة زينب (ع) قبل وفاتها بأن يتحول باقي القصر إلى مسجد، فكان لها ذلك، وتحول قصر الوالي إلى مسجد السيدة زينب (ع).
واليوم، يعتبر مسجد السيدة زينب (ع) من أهم المساجد في مصر، وكل من يزور القاهرة يتشوق إلى زيارته، فهو من أهم المزارات الإسلامية في مصر، إلى جانب مسجد سيدنا الحسين (ع) ومسجد الأزهر الشريف.
واشتهرت السيدة زينب (ع) بألقاب كثيرة، ولكن يبقى أقربهم للوجدان المصري لقب (أم هاشم)، وقد قيل أن السببين لوصفها بهذا اللقب، الأول لحملها راية الهاشميين بعد مقتل أخيها سيدنا الحسين (ع) في موقعة "كربلاء"، والثاني لكرمها السخي فكانت تشبه جدها "هاشم" الذي كان يطعم الحجاج.
ولقب (أم العواجز) لأنها لما قدمت إلى مصر، فتحت دارها للعجزة والضعفاء وكانت مأوى لهم، ودائماً ما تسمع البسطاء يرددون (مدد يا أم العواجز) و (نظرة محبة يا أم هاشم).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق