بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعلى جميع الانبياء والمرسلين.
...وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) سورة البقره.
ان إحْدَ صفات السيدة زينب الحوراء ع ،هي صفة " جبل الصبر" ،نظراً لِما مرت به من مصائب وحزن وفقدان إخوتها وأبنائها وأولاد إخوتها.
وقبل ان نغوص بنوعيِّة صبر السيدة زينب ع ،أُريد إلقاءْ الضوء على دور الصبر في حياة النساء المُبشرات بالجنة مُقارنتاً بصبر السيده زينب ع.
-صبر السيده ساره زوجة نبينا ابراهيم ع
-صبر السيده آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون.
-صبر كلثم أُخْتَ كليم الله موسى ع.
-صبر السيدة مريم بنت عمران ع.
-صبر السيده خديجة الكبرى ع زوجة النبي محمد ص.
فأما صبر السيده ساره زوجة النبي ابراهيم ع ،كان ممثلاً بِتحمُل ما يجري مع زوجها من اضطهاد وملاحقة قومه له وعبأ الرساله وهجرته وكذلك نقص بالبنين حيث كانت عاقر مما
جعل نساء قومِها يعبُون عليها وبعد ذلك أنعم الله عليها بولادة النبي اسحاق ع (فهي كانت انسانه مؤمنه بالله ،فعندما رأت أنها بِعُمر متقدم ولا تستطيع ألإنجاب ،وهبت خادِمَتِها لزوجها حتى لا يبقى دون ذريه حيث انجبت نبينا اسماعيل ع). يعني بعدما مرت بظروف فيها مصاعب وعناء وتنقل من مكان لآخر مع زوجها وحِرمانِها من الانجاب ،حيث امتحانها الله عز وجل بصبرها وثباتها على دينها ، فإن الله سبحانه وتعالى فرج عنها كربها واعطاها ما تحب وترضى واخذت نصيبها بالدنيا كما بالاخره فكانت من المبشرات بالجنه.
بينما صبر السيده آسيا بنت مزاحم ،كنت إمرأه تعيش بمستوى عالي جدا من الثراء والترف وجاه و خدم وكل ملذات حياة و كانت سيدة قومها ولكن حُرِمة ايضا هى من الانجاب حتى ان التقطت نبي الله موسى ع من اليم وربته وألقت عليه حبها و عطفها إشباعاً لرغبتها باحساس
الامومه التي كانت تحلم به ،وبعدما كبرى نبينا الله موسى ع وأتى برسالة ربه وآمنت برسالته ، فأحس بها زوجها فرعون بإيمانها فسلب منها كل شيئ وعقابها وعذبها والقى بها بالسجن الى ان اتى امر الله لنبيه موسى ع بإخراج قوم فرعون من مِصر ،فخرجت معهم ومنّ الله عليها بالحريه والفرج وكانت من النساء المبشرات بالجنه . ونلاحظ هنا انها نالت من النعيم في هذه الدنيا ولم تكن حياتها مليئة بالعذابات والصبر المستمر طيل حياتها.
ونأتي الى كلثم اختى نبينا موسى ع ،التي عانت الكثير الكثيروهي تلاحق اخيها وتتقصى عن اخباره رابطة جأشها وخوفها وتعرضها بين الحين والآخر لخطر القتل من مخابرات فرعون ،لكي تنقل اخباره الى امه، ولكي لا تفضح امر اخيها موسي بانه هو مشروع الهي(ففرعون كان يعلم بانه سيولد نبي مرسل وقد امر بقتل كل مولود ذكر، حتی لا یکون له منافس في ملكه ) ،ولكي تربط على قلب امها وتطمئنها، فكانت مهمتها لوقت محدد ،فنالت نصيبها من الدنيا و الآخره ،وكانت ايضا من النساء المبشرات بالجنه.
بينما السيده مريم العذراء ام النبي عيسى ع ،قد عانة ما عانته من قومها منذو نعومة اضافرها،فكانت تقوم باعمال شاقه بتنظيف المعبد وكانت تضرب الى ان كسروا ذراعيها ويلطموا وجهها وهي تبقى دون شكوى وتدعوا لهم بالهدايه، وبعد ان اتى امر الله واصبحت حامل وانجبت النبي الله عيسى ع ،نعتوها بالزنا وهتكوا حُرْمتها حتى امر الله سبحانه وتعالى وليدها بتكلم وهو في المهد صغير.
وكان جزائها انها بشرة بالجنه.
ونرى ايضا السيدة خديجة الكبرى ع زوجة رسول الله ص ،انها عاشت بداية حياتها حياة الاغنياء والرفاهيه ،وبعد ان تزوجة رسول الله ص عانت مقاطعة نساء اهل مكه المكرمه وانتبذت من مجتمعها وتركوها وحيده عندما ارادت ان تضع ابنتها فاطمة الزهراء ع، عانت النفي بشعاب مكه حتى وافتها المنيه ،فنالت ايضا مما تحب وترضى في الدنيا والآخره،واصبحت من المبشرات بالجنه.
فنرى ان هؤلاء النساء كانت فترة صبرهن محدود ونلنا جزائهن بالدنيا الاخره،.
فاذا قارنا مدى صبرهن وصبر سيدتي ومولاتي زينب ع هناك تفاوت شاسع ،يكفى بانها لقبت بام المصائب وبجبل الصبر ، حيث صُبت عليها مصائب الدهر صّبا ، البلاء لم يفارقها فكانت الصخر الصنديد فى وجه الظلم والظالم و ذات قدره على ربط شأجها ليس له مثيل.
فأي امراة انت سيدتي وترين ذبح اخيك الحسين ع ، وتقطيع اوصال كفيلك العباس ع، واستشهاد اولادك، واولاد اخوتك، وسبيك وسبي حُرم رسول الله ص، وترين رؤوس إخوتك على القنا مرفوعه امام اعيونك وتبقين كالصنين الصامد وتحثين النساء على التحمل والتجمل بالصبر، ووقفت بوجه الطاغيه يزيد اللعين قائلتا "ما رأيت الا جميلا ".
فمنذو طفولتها لم يهدأ لها بال ولم تقر لها عين :فرائت كسر ضلع امها و استشهادها ، فتحملت أعباء تربية اخوتها السبطين ع رغم انها كانت اصغر سنا منهما ،ثم استشهاد ابيها حيث ضمدت جرح هامتة ،و ترى كبد اخيها بالطشت من اثر السم الذي دسته زوجته الملعونه، وبالنهاية استشهاد ٧٣ شخصا من اهلها وتستمر معاناتها بعد واقعت كربلاء ،فهي حمت رسالة جدها، و قضية اخيها الحسين ع لحتى استعاد قواه ابن اخيها وامام زمانها الامام علي بن الحسين زين العابدين ع ،وايضا حملت على عاتقها دور امها الزهراء ع بالمدينه المنوره بنشر تعاليم الدين الحنيف وكانت هى المصدر الاعلامي الموثوق لنقل ما جرى بواقعة كربلاء .فكانت حياتها كلها جهاد دون توقف لحظه وعانة ما عنته من ظلم واضطهاد وقمع وضرب و سبي ورغم كل هذا كانت ومازالت المثل الاعلى للصبر ،حتى الصبر قال :
خجلت منك يا بنت الكرام
فصبرك افقدني الكلام
لم اكن من اهل والوئام
فقالت لي عليك مني السلام
فعدم الصبر كفر والحرام.
فصبر السيدة زينب ع هو مدرسة نتعلم منها فن التصبر وربط الجأش والتحلي بالحكمه وحسن التدبر واخذ المواقف البنائه والسيطره على ألم المصاب والوقوف امام الظلم و تفتيته وتصغيره حتى لا نهزم امام الطاغيه ونحن في زمن مملوءبالطغات،وعلينا ان ناخذ دروس من صبرها لكي نسير المواقف لصالحنا "وان الله مع الصابرين اذا صبروا" .
اسال الله العلي القدير ان يلهمنا الصبر في هذه الايام الصعبه التي تمر بها الامه الاسلاميه وان نتحلا بصبر سيدتنا ومولاتنا زينب ع وان نكون زينبيات بما فيها من معنه هذه الكلمة .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق