اعتبر مستشار اعلامي في مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ عامر زين الدين ان الامام موسى الصدر شكّل في عصره ظاهرة استثنائية رائدة على كل مستويات جوانب الحياة، فوجد الناس فيه شخصية عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق، وإماما في الوحدة الوطنية والتعايش، ورسولا ايمانيا وفكريا وفقهيا وداعية محبة وسلام ووحدة الحضارات والأديان.
وخلال كلمته بعنوان"الآثار السلبية للكيان المحتل في فكر الامام الصدر"التي القاها في الندوة الفكرية عبر العالم الافتراضي الذي دعا اليها مركز حوار الاديان والثقافات في لبنان بالتعاون مع مركز الامة الواحدة للدراسات الفكرية والاستراتيجية في ايران تخليدا للذكرى السنوية 42 لتغييب الإمام الصدر بعنوان "الامام الصدر رسول التسامح والتعايش" راي ان الامام الصدر جعل من قضية فلسطين قضية متقدمة على اي عنوان مذهبي او طائفي في العالمين العربي والإسلامي
نص الكلمة
"الآثار السلبية للكيان المحتل في رؤية الامام الصدر"
بسم الله الرحمن الرحيم، والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
أن تكون المناسبة تخليدا لذكرى تغييب الامام موسى الصدر، فإنما نشكر بداية "مركز حوار الاديان والثقافات في لبنان"، وسماحة السيد علي السيد قاسم على هذه الندوة الفكرية القيّمة بوجود نخبة مميزة من الاخوة الاعزاء، حول أحد العظماء الذين أضاؤوا في سماء المعرفة مشاعل نور في مختلف حقول الوطنية الحقّة والاجتماعية والانسانية، بذلاً وتضحية ومواقف مشرّفة.
ولئن قال الامام المقدام يوما بأن "طاقاتي الاجتماعية التي تتلّخص في ثقة الناس، والتي هي من عناية اللَّه، فهي ليست ملكي ولا يحقّ لي أن أتصرَّف بها إلا في صالح صاحبها الأصيل وهو اللَّه والدين"، فكأنما كان شغله الشاغل هو الله سبحانه وتعالى فهو الهدف الأسمى والأنقى للجهاد والحكمة في مرضاته، حاملا على كتفيه همّين كبيرين هم المحرومين وهم فلسطين، وقد نالت تلك القضية الحيّز المحوري في وجدان الإمام واهتماماته فأستوطن عقله القدس الشريف.
لقد شكّل الامام الصدر في عصره ظاهرة استثنائية رائدة على كل مستويات جوانب الحياة، فوجد الناس فيه شخصية عابرة للطوائف والمذاهب والمناطق، وإماما في الوحدة الوطنية والتعايش، ورسولا ايمانيا وفكريا وفقهيا وداعية محبة وسلام ووحدة الحضارات والأديان، ومصدر إيحاء واستلھام متجدد للحاضر، وللمستقبل الذي وجد فيه استحالة العيش مع عدو غاصب للعرب والمسلمين، فأطلق باكراً مشروع مقاومة نصرة لقضية فلسطين التي حملها في قلبه، ودعم "ثورة الحجارة" مواجهةً لأخطر مشروع تتعرّض له الأمة، وكان الى جانبه وقتذاك كبار من لبنان ممن رفضوا كل اشكال الغطرسة الصهيونية تهجيرا وتشريدا شهادة وفداء، وسيفا مسلطاً في مقارعة العدو لحرقه المساجد واستباحته المقدسات.
فرؤية الإمام السید الثاقبة التمعت منذ تلك البدايات السابقة على العدوان الإسرائیلي المباشر على لبنان، ووجود المقاومة اللبنانیة التي لم تكن اصلا البديل للمقاومة الفلسطینیة، باعتبار المشروع الصھیوني يطول بأطماعه ومخاطره لبنان وفلسطين معا، وكما خاطب اللبنانیین عام 1970، "وطنكم في خطر عظیم داھم أيھا اللبنانیون، وإنه من الأھداف الأولیة للصھیونیة العالمیة وھو داخل في أطماعھا العاجلة". كذلك ناشد فلسطين الى وحدة الكلمة والصف بوجه ما اسماه "المرض السرطاني"، من اجل قدس القِبلة وملتقى القيّم وتجسيد الوحدة ومعراج الرسالة.
فلكل ذلك كان الإمام يعتقد أن قضية فلسطين يجب أن تبقى حاضرة في ذهن الأمتين الإسلامية والعربية، ووجوب السعى كي تبقى إسرائيل عدوة وبذلك تصبح قضية فلسطين قضية متقدمة على اي عنوان مذهبي او طائفي في العالمين العربي والإسلامي قد يصبح في اي وقت مادة للانفجار والتقاتل.
وامام ما نشهده اليوم من امور عدة نقتنع اكثر واكثر في تلك الرؤية المتبصّرة الثاقبة أكان من خلال التوترات المذهبية المتفشية في العالمين العربي والاسلامي، او في تسابق بعض الدول طلباً للسلام، وهما الأمران الأكثر تأثيرا على رؤية الامام لأجل كل إنسان عربي ومسلم وحرّ في العالم، خطط لهما الاحتلال الاسرائيلي ونفذهما، فغُيّب الامام المدافع عن اوطان باتت متهالكة وأمماً متربصة ببعضها وشعوباً متنافرة، وغابت معه الكثير من جماليات صفحات النضال والجهاد الحقيقيين، اضافة الى سقوط حصن منيع للحروب بين الاخوة وابناء الشعب الواحد.
رضي الله عن الامام وأرضاه وفك أسره، ورده الى وطنه وأمته سالماً غانماً.
الشيخ عامرزين الدين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق