قضية اغتيال الامام علي بن ابي طالب (ع) يلفها الكثير من الغموض التاريخي والكثير من الشوائب والصياغات والمتاهات النقلية ناهيك عن الاندماج في قضايا انسانية او غيبية بحتة بعيدا عن حجم الكارثة وطبيعة الجريمة , مما يدعو للدهشة إذ كيف تخفى مثل هذه الامور على المؤرخين والكتاب اللهم الا اذا سلمنا بوجود تعتيم اعلامي هائل اريد من خلاله طمس الحقائق وتجريد الحادث من زواياه ومكوناته وحقائقه الاساسية .
مركز الامة الواحدة - مقالات - بقلم جهاد العيدان
ان حشر قصة قطام بطريقة غرامية مبتذلة لدرجة أن رغوة الجسد ساهمت في تعزيز عناصر الجريمة ، وإمضائها بلغة غرائزية ايحائية بحتة , وفي مشهد تحتل فيه قضية قطام جوهر ومحور وحبكة الرواية،فهذا ما يؤخذ على قضية الاغتيال بهذا الشكل لان الهدف من وراء هذه الرواية المعجونة بالعرام والهيام تاتي لتميّع الحادث بشكل او باخر , وتجعل منها مجرد اسقاطات لحالة عشقية وانعكاس لانتقالات بين حبات الجسد الانثوي وانات داخلية تعشعش في مخيلة السرد التاريخي , مما يعطي انطباعا بان تجسيد الواقعة بهذا المنظور الروائي هو في الواقع محاولة لسرقة اجزاء تراجيدية ومصيرية في القضية , وجعلها حكاية تستنزف الماساة وتحصرها في قصة عاطفية اقرب ماتكون الى قصص الحب العذرية التي تطرب الاذان وتحتكرها دون رؤية زوايا القضية الاساسية في اسباب هذه الجريمة ؟
ومن المسؤول عنها ؟
ولماذا تم تداولها بهذا الاسلوب الرخيص الذي لاينسجم مع قضية خطيرة كالتي حصلت في اغتيال الامام علي ؟
ولماذا اختصرت في شخص ابن ملجم وقطام ؟
فيما تشظت بقية ابعاد المشهد لتتجسد في نزوة عابرة حيث التقت رغبته العقدية برغبته الجسدية، ليقرر قتل علي عليه السلام !
وكأن الرواة ارادوا ان يغيروا اتجاهات القضية ويكسبوا تعاطفا مع الجريمة دون ان يكشفوا الحقائق الكامنة وراء الاغتيال الذي تم بشكل عنفي فيه تعد على كل المتوارث العربي والاسلامي , كما ان قضية اجتماع المتامرين في مكة الذين تذاكروا مقتل رفقاهم في النهروان وحزنهم الشديد عليهم لتنفجر شرر التعاهد بالانتقام لهم حيث تمازجت لغة القهر مع لغة الثار ولغة الحزن لتقدم لنا حكاية اخرى اشبه ماتكون بحكايا انتقام الفرسان ,هذان العنوانان اللذان كانا مدار اغلب كتب التاريخ التي نقلت لنا الحادثة مما يضفي على الجريمة ابعادا ومشاهد اقرب ماتكون من الخيال القصصي , وكانها مقايضة بين انتقام امراة تارة وبين انتقام ثلاثة فرسان تارة اخرى .وحسنا جاء تعليق الاستاذ غالب الشابندر حين قال : الغريب أن تستولي قصة قطام على التراث الشيعي في عرض مأساة أعظم شخصية في التاريخ بعد رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم، فيما المطلوب تنقية هذا التراث من هذه المدخولات، التي لا تخدم عليا ولا رسالته، ولكن يبدو أنّها تؤدي وظيفة خاصة لدى بعض الناس، ولذلك تحتل مكان الصدارة في عرض القضية المذكورة .
برايي اامتواضع ان شخصية ابن ملجم لاتعدو مجرد ديكور او قد يكون ضحية تختفي وراءه مؤامرة خطيرة وشخوص مقنعة مسؤولة عن جريمة الاغتيال التي صممت وحيكت وانتجت بحبكة ودقة ومهارة عالية بعيدا عن الاضواء وباخراج عال , لتؤدي في النهاية الى تحقيق الهدف المرسوم لها وهو حرمان الامة من طاقة الخير وشعلة النور ومنبع السعادة ومنع الامة والعنصر البشري من العودة الى الجنة الموعودة التي طردت منها من خلال جريمة الشيطان الاكبر لتتكرر هذه الجريمة بضربة راس الامام علي (ع) الطاهر , ولتعاد صياغة العقل البشري وفق الوسوسة الشيطانية االمخادعة والحرفية لننخدع من جديد وترتكن الى شجرة اغتيال الذات وتنجرف مع عواصف الخروج من الجنة ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق