لم تدع القوانين الإسلامية السامية مفصلًا حياتيُا إلاّ وتطرقت له بالكامل، ومن هذه المفاصل الولاية على البنت. فقد شهد العصر الحديث سلسة من التغيرات الملحوظة التي طالت مجتمعاتنا المسلمة بشكل كبير وملحوظ فسببت الكثير من الانعكاسات السلبية على واقعها وبنيتها وديمومتها.
مركز الامة الواحدة - مقالات - بقلم بتول عرندس
من سنن الله عز وجل التفضيل بين خلقه في الوظائف والأعمال، مؤكدًا في الآية الكريمة على {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}. ولتستقيم الحياة الإنسان ويصلح المجتمع، فقد خص كلا من المرأة والرجل بوظائف محددة وكذلك في الثواب والعقاب: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}.
بيد أن ذلك التفضيل والتخصيص والقوامة ، يقابلها واجبات وتبعات على الرجل تجاه المرأة، ولأن النساء شقائق الرجال. وأكدّ القرآن الكريم على الوصاية بالنساء وحسن معاملتهن والإحسان إليهن والرفق بهن: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة}، {وعاشروهن بالمعروف}، {ولا تضاروهن}. اذا الولاية لا تعني التقييد انما تكريم للمرأة وقد شرطها الله جلّ وعلا عندما كذلك أوصى الرسول (ص) بالنساء خيرًا، وملاطفتهن والإحسان إليهن والصبر على أخلاقهن وكراهة طلاقهن، مشددًا على أخذ العفو منهن والصبر على عوجهن وتقويمهن.
وقد اختلطت العديد من المفاهيم المرتبطة بالولاية والقوامة كالحرية، إذ أن الكثير يصوّر أن المرأة لا حرية لها، وإنما أمرها يكون بيد غيرها الذي يتصرف فى شؤونها كيفما شاء بموجب صلة الأبوة أو الزواج. لذلك يجب تصحيح هذه المفاهيم وأنه لا يتحقق بالولاية السيطرة على المرأة بل أن الولاية جُعلت من أجل أن يعين الرجل المرأة في تصريف أمورها بما تملكه من حرية.
إن خطورة شعارات التحرر التي فرضتها الهجمة الغربية على القيم الإسلامية يراد بها إفساد المرأة وتنحيتها عن دورها الأساس وهو صناعة الإنسان وقيادة المجتمع الإنساني نحو الكمال، فالولاية والقوامة لا تتعارضان مع حرية المرأة بل تعضدانها.
ما تعمل عليه القوانين الوضعية كاتفاقية سيداو هو إلغاء الهوية الدينية، فهي تطعن في القيم الإسلامية فيما يتعلق بقضايا المرأة، وتعارض قيم الشريعة التي منحت المرأة حقوقًا أكثر مما تتدعي هذه المواثيق التي تسعى لفرض النموذج الأسري الغربي محل الأنموذج الإسلامي، ومن جهة أخرى فرض نظرة محدودة لا تقر بالخصوصيات الدينية والحضارية، مما يؤدي إلى تفكيك الأسر المسلمة، وبالتالي وضع نهاية للولاية الضرورية والتي سينجم عنها حالة من الانهزامية في مجتمعاتنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق