إن تزوير الأخبار وتلفيق الأكاذيب وفبركة الحقائق ليس سوى أسلوب من أساليب الحرب الأمريكية الناعمة للتهويل ونشر الخوف في مجتمعاتنا العربية وخاصة تلك التي تخوض معركة التحدي والمواجهة والمقاومة ضد المشروع الإستكبار الصهيوني. فاليوم تخصص ميزانيات ضخمة لتمويل وسائل إعلام هدفها الأول بث الخوف وتضليل الناس وتعمية الحقائق لأسباب فتنوية بحتة. يريد المستعمر أن يستعيض عن هزائمه في الميادين بحرب نفسية إعلامية تمهد الطريق لمخططاته وصفقاته الخبيثة. فمما لا شك فيه بأن للأخبار المفبركة انعكاسات سلبية على الصعيدين الأخلاقي والمهني وعلى الثقة المؤسسية في المؤسسات الإعلامية، وكذلك سياسيًا وإقتصاديًا.
مركز الامة الواحدة- مقالات - بقلم بتول عرندس
اذًا هدف هذا الإعلام الساقط في الدرجة الأولى تعميم الخوف ليجعل الشعوب أكثر حذرًا وأكثر عبودية وبالتالي تحويلهم إلى جحافل من القطعان المرعوبة العاجزة عن المقاومة والتحدي. ومن أجل ذلك، يعمل بتفان سياسيو المحور الصهيوأمريكي على زرع الرعب في نفوس الناس ومن ثمّ جعلهم يقنعون بالاستعماروالخراب والفوضى، وخاصة في أوساط الشباب والنخب المثقفة والناشطين والصحافيين، لتذكيرهم بالمصير الذي ينتظرهم إذا ما تجرؤوا على تجاوز الخطوط الحمراء، أي المقاومة والتحدي.
يقول أحد مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية بنجامين فرانكلين بأن أولئك الذين يستبدلون الأمن بالحرية، لن يحصلوا، بل لا يستحقون، أيًّا منهما. أما في الشرق فالمعايير مختلفة تمامًا حيث تستغل واشنطن ومعها قوى الإستعمار حاجة الناس إلى الأمن بترهيب الناس وتخويفهم من خيار المواجهة، موظفةً قدرات تكنولوجية تجسسية هائلة. وهكذا يحيط المستعمر نفسه بهالة زائفة من القوة بفعل مجموعة من الأساطير المنسوجة حولهم، التي تخيف وترهب الشعوب وتبث شعور الهيبة فيها.
وقد لجأت أمريكيا لهذا الخيار الناعم بعد الهزيمة المدوية للجماعات الإرهابية في العراق وسوريا، والتي قررت المقاومة مواجهته منذ اليوم الأول مؤكدةً على أن هؤلاء الارهابيون لن ينجحوا في اخضاعنا ومشروعهم لا مستقبل له في المنطقة، لأنهم جماعات متوحشة وممارساتهم تتنافى مع سلوك البشر. وسرعان ما حققت هذه الحركات المقاومة انتصارها على خيار الخوف نتيجة صمودها وثباتها والتضحيات التي قدمها الشهداء. فبعد مضي قرابة الثمان سنوات من المقاومة هزم المشروع الاميركي الإسرائيلي السعودي الذي وضع هذه الجماعات بوجه الشعوب. سيكتب التاريخ أن خيار المقاومة هو الذي الحق الهزيمة بداعش واسقط مشروعها في المنطقة. وكذلك فقد منيت السياسات الاستعمارية بالفشل حين اصطدمت بارادة الشعوب الحرّة وبموقفها القوية والشجاعة.
نحن اليوم أقوى من اي زمن مضى وفي الوقت عينه تتعاظم المؤامرات والتي تتطلب كم هائل من الوعي والصبر والبصيرة. حرب الإرادات أصعب من حرب الجيوش ومن هنا نراهن على وعي النخب المثقفة والشعوب التي لن تسمح للشعوب باستغلال أزمتها الاقتصادية. ما نعاني منه اليوم ليس سوى نتيجة الحصار الأمريكي والعقوبات وهنا نقف لنواجه، هي محطة تفكر وتدبر يجب من خلالها العودة عن خيارات الإقتصادي الريعي إلى خيار الإقتصاد الذاتي المستقى المنتج المحلي، لنأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع. لمن يعد مقبولًا أن تتحكم بنا الثقافة الإستهلاكية المميتة التي تعزز عبوديتنا للمستعمر، أنه خيار المقاومة والصمود والتحدي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق