إنتفض الشعب اللبناني بكل طوائفه بتاريخ 17 تشرين الأول الماضي إثر الإعلان عن فرض ضرائب على مكالمات تطبيقات التواصل الإجتماعي. فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير. ولا سيما أن المزاج الشعبي كان ساخطاً جداً على الدولة وقد وصل إلى ذروته حين عجزت السلطات قبل يومين من الحراك من معالجة الحرائق التي طالت الأحراش في مختلف المناطق اللبنانية وبلغت 103 حرائق حيث اشتعل معظمها في وقت واحد وتحديداً بعد منتصف ليل 15/14 مما يدل أن الحرائق كانت مفتعلة. وتبين أن مروحيتيإ إطفاء الحرائق معطلة ورابضة على مدرج مطار بيروت.
مركز الامة الواحدة - مقالات - بقلم عدنان علامه
ولا بد من وضع عناوين للفترة الواقعة بين بدء الحراك وتطورات الاحداث وتغيير المواقف والتدخلات الخارجية وصولا إلى ليلة بدء الإستشارات النيابية الملزمة وقد وجه دار الفتوى الضربة القاضية لحظوظ سمير الخطيب في تولي رئاسة الحكومة العتيدة وبالتالي أصبحت الإستشارات النيابية الملزمة اليوم في مهب الريح.
كانت مطالب الحراك محقة وتهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية والإقتصادية وخفض الضرائب التي تثقل كاهله. فركب الموجة عدد من المدربين خارجياً وسرقوا ثمرة الحراك. وبدأوا بطرح شروطٍ تعجيزية تؤدي إلى الفوضى الشاملة. وأنضم إلى قادة سارقي الحراك تيار المستقبل والحزب الإشتراكي وحزب القوات اللبنانية دون أي إعتراض منهم. فعند إعلان الحريري إستقالة حكومته عطّل تصريف الأعمال، وعمل على الإبتزاز لفرض شروط تعجيزية لإلغاء نتائج الإنتخابات النيابية معتمداً على الحجم العددي الوهمي والمبالغ فيه لسارقي الحراك الذي أعلن ان عدد مكوناته وصل إلى 106. وقد تزامن فرض الشروط مع إنتشار قطاع الطرق المنتمين للأحزاب والتيارات التي أنضمت لقادة سارقي الحراك. الأمر الذي أدى إلى إستشهاد 4 مواطنين نتيجة لممارساتهم بالرغم من تطمينات قائد الجيش أكثر من مرة بعدم السماح بقطع أي طريق أمام اللبنانيين في كافة المناطق. والمضحك المبكي أن قيادة قوة الأمن الداخلي قد أصدرت في اليوم الخمسين ما كنت أقوله منذ اليوم الأول "بأن التظاهر حق ولا يحق لأحد قطع الطرقات" فأصدرت التالي:-
جددت قوى الامن الداخلي التأكيد على أن حرية التعبير مصونة بالدستور وكذلك جرى لحظها في قانون قوى الإمن الداخلي في بند "حماية الحريات العامة ضمن إطار القانون".
ولفتت إلى أن قطع الطرقات يعتبر مخالفاً للقانون بحيث تنتهي حرية المواطن عند التعدي على حرية الاخرين، لذلك أهابت عدم المبادرة إلى قطع أي طريق وستتخذ قوى الأمن الداخلي الاجراءات اللازمة قانوناً لفتحها.
وسأحاول تبويب العناوين وإختصارها قدر الإمكان وذلك لتعدد الجهات والأعمال. وسأبدأ برئاسة الجمهورية ثم رئيس الحكومة،دور القوى الأمنية، إنجازات الحراك، سلبيات سارقي الحراك، التدخلات الخارجية والحل المنشود لمصلحة الوطن والمواطن.
1- رئيس الجمهورية :-
1-1فرض قادة سارقي شروطاً تعجيزية ومهلاً زمنية على رئيس الجمهورية متجاهلين الدستور وضاربين بعرض الحائط صلاحيات رئيس الجمهورية. لذا لجأت إلى رأي الخبير الدستوري د.عباس دبوق في عدم تحديد أي مهلة زمنية لبدء الإستشارات النيابية من خلال المطالعة التالية :
http://www.elfajr.org/2019/11/07/
1-2 تدخل رئيس الجمهورية بعقد جلسة مالية اتخذ حاكم مصرف لبنان بعدها قراراً بتخفيض نسبة الفائدة على الودائع بالدولار. وتفيد بعض المصادر بأن ذلك كان من بنات أفكار الرئيس عون.
3-1 أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم الإثنين 12/08 موعداً للإستشارات النيابية. وتأجل الموضوع إلى مطلع الأسبوع القادم نتيجة لإعلان دار الإفتاء بأن الرئيس الحريري هو الممثل الوحيد للطائفة السنية لرئاسة الحكومة؟؟!!
2- الرئيس سعد الحريري.
1-2 تقدم الرئيس الحريري بورقة إصلاحية تحت ضغط الشارع. وبدلاً من إصدار قرارات فوري بإنشاء خلية أزمة أو إبقاء مجلس الوزراء في حالة إنعقاد دائم وإصدار بعض القرارات التي تهدئ من غضب الشعب. ولكنه تخلى عن ممارسة صلاحيةَتصريف الأعمال.
2-2 تقدم الرئيس الحريري باستقالته وانضم إلى قادة سارقي الحراك دون اي معارضة منهم.ولم يمارس مهامه كرئيس حكومة تصريف أعمال لمنع تفاقم الأمور.
3-2 كان قطاع الطرق ينشطون في أماكن نفوذ الأحزاب ضمن سارقي الحراك. فالتيار الأزرق (مفرق برجا وسعدنايل). والقوات ( الذوق الجديدة). والإشتراكي (خلدة وعاليه).
4-2 عمد الرئيس الحريري إلى وضع شروط تعجيزية لقبوله بتشكيل حكومة مستقلين تستبعد حزب الله.
5-2 أعلن الرئيس الحريري عزوفه عن الترشيح ولكنه سيرشح شخصاً يقبل به.
6-2 عمد الرئيس الحريري إلى المناورة والإبتزاز السياسي فحرق إسم الصفدي وأمس أحرق أوراق سمير الخطيب بطريقة مخالفة لكل القواعد الدستورية. ويبدو أنه يناور لكسب الوقت بإنتظار تطورات خارجية وداخلية.
7-2 سيلجأ الرئيس الحريري مجدداً إلى وضع الشروط متسلحاً بقرار دار الفتوى.
3- دور القوی الأمنية
1-3 أخذت القوى الأمنية في معظم المناطق موقف المتفرج وتسهيل أعمال قاطعي الطرق ولا سيما في خلدة، عاليه، الزلقا، جل الديب، البالما، جسر الرينغ، القنطاري، مفرق برجا وسعدنايل وكادت الأمور أن تفلت من عقالها في منطقة الشياح عين الرمانة والرينغ. وعملت الأمهات بمهام الإطفائي في مناطق الشياح عين الرمانة والرينغ. فالقوى الأمنية حمت قطاع الطرق بتقاعسها عن تأمين حق تنقل المواطنين بين كافة المناطق اللبنانية وفقاً للدستور. ويبدو أن القرار السياسي قد منع تطبيق الدستور في الحفاظ على كافة الطرق مفتوحة.وقد أدى قطع الطرقات إلى إرتقاء 4 شهداء
4- الحراك الشعبي العفوي
1-4 إنطلق الحراك الشعبي العفوي في السابع عشر من شهر تشرين الأول بعد أن وصل الضغط المعيشي وعدم إكتراث الحكومة إلى اقصاه. فانتفض الشعب طالباً الإصلاح وتحسين الأوضاع المعيشية وتخفيض الضرائب وتأمين المزيد من فرص العمل.
2-4 لقد تميز الحراك بانه أضخم وأكبر حراك سلمي، عفوي، مطلبي، محق، عابر للطوائف واستطاع للمرة الأولى ومنذ إعلان دولة لبنان الكبير تحقيق إنجاز تاريخي ونوعي تمثل بإنتزاع تنازل من الحكومة وإقرار تعهد بتنفيذ ورقة إصلاحية مع فترة زمنية قياسية للتنفيذ تنتهي بنهاية هذا العام.
5- قادة سارقي الحراك.
1-5 تبين أن قادة سارقي الحراك ليسوا عفويين أو سلميين نهائياً كما يدعون . بل إنهم مدربين جيداً على إدارة الثورات الملونة أو الحرب من الجيل الرابع والخامس أو الحرب غير المتماثلة. ولديهم أهداف وأجندات سياسية خارجية للوصول إلى الفوضى الشاملة مستغلين الأعداد الجماهيرية الضخمة التي خرجت طلبا للإصلاح. فصادرت مطالبهم وقضت على إنجازهم التاريخي بإنتزاع الورقة الإصلاحية من الحكومة المستقيلة. ومن المآخذ على قادة سارقي الحراك:-
2-5 صادروا مطالب الحراك المحقة وحولوها إلى مطالب سياسية.
3-5 إعتماد سياسة قطع الطرقات والأخطر هو فلسفة قطع الطرقات بأنها حق مكتسب علماً بأنها مصادرة لحقوق الآخرين في التنقل.
4-5 تكرار معزوفة عدم وجود قادة للحراك.
5-5 عدم القبول بالورقة الإصلاحية كمنطلق للإصلاح والبقاء في الساحات لمراقبة التنفيذ.
6-5 رفض تشكيل وفد لمناقشة مطالبهم مع رئيس الجمهورية.
7-5 طرح مطالب تعجيزية لدفع البلاد نحو الفوضى الشاملة.
8-5 تعطیل الحركة الإقتصادية وكساد محصول الخضار والحشائش لآلاف المزارعين بسبب الإقفال المتعمد للطرقات مما سبب إرتفاعاً للدولار إلى عتبة 2300 ل. ل.
9-5 تماهي مطالبهم مع الأجندات الخارجية بإستبعاد حزب الله تحت شعار حكومةتكنوقراط.
10-5 فرض شعار أوتبور (اليد القابضة) شعاراً للحراك.
6- التدخلات الخارجية.
1-6 التدخل الأمريكي المباشر في تصويب مسار قادة سارقي الحوار من خلال حضور مدير الجامعة الأمريكية البرفسور فضلو خوري إلي ساحة رياض الصلحوالسينما البيضاوية والتحدث إلى المتظاهرين.
2-6 شهادة فيلتمان أمام لجنة الكونغرس بضرورة أضعاف تحالف حزب الله مع شركائه المسيحيين.
3-6أعطى فيلتمان أوامر عملية تفصيلية لقادة سارقي الحراك في التعامل مع العهد.
4-6 أكٓد فيلتمان انه على أي حكومة مستقبلية ان تراعي مصالح أمريكا.
5-6 تأكيد بومبيو ونتنياهو على الإستفادة من ممارسات قادة سارقي الحراك.
6-6 ذروة التدخلات الخارجية تمثلت أمس بتحريض المطران عودة ضد حزب الله مباشرة وهو خطاب غير معهود كلياً ومشبوه في توقيته.
بعد قرار دار الفتوى بحصر تمثيل السنة بشخص الرئيس سعد الحريري فقط عادت الأمور إلى ما تحت الصفر بدرجات عديدة. وبالتالي أصبح الخيار إما سعد الحريري أو لا أحد. وبالتالي ستكون أمام الرئيس الحريري مهمة صعبة جداً. فهو حزبي ويريد استبعاد الحزبيين في حكومته. والمنطق يقول بوجوب تشكيل حكومة تكنو سياسية بعد فشل التكنوقراط التابعين لفريق الرئيس الحريري في الوزارات أو في مجلس الإنماء والإعمار في الإشراف على تنفيذ المشاريع وتحديدا في المناطق التي شهدت فيضانات غير مسبوقة. فلبنان أصبح على منحدر الإنهيار وأمريكا تتبع سياسة حافة الهاوية وقد تدخلت بشكل سافر بالشؤون الداخلية اللبنانية. فعلى الرئيس الحريري أن يحسم خياراته جيدا قبل الإستشارات النيابية الإلزامية مطلع الأسبوع المقبل ويقرر قبل تكليفه أحد أمرين لا ثالث لهما:-
1- الرضوخ للشروط والإملاءات والتهديدات الأمريكية التي قالها فيلتمان بوقاحة وبلغة التهديد والوعيد مع نتائج غير مضمونة "سيكون على اللبنانيين اختيار المسار الذي يقود إما إلى الفقر الدائم وإما الى الإزدهار المحتمل". علماً بأنه من يقول "أ" عليه ان يكمل حتى ال"ياء". وعلينا أن نأخذ العبرة في كيفية تعامل أمريكا مع السعودية.
2- أن يلجأ الحريري إلى ما يخاف منه ترامب وفيلتمان. فيتعامل مع روسيا والصين كسيد محترم بدلاً من أن يخضع للإملاءات الإمريكية كعبد ذليل. فيؤلف حكومة إنقاذ تكنو سياسية تشمل الجميع بما في ذلك ممثلين عن الحراك وليس عن قادة سارقي الحراك لينهض بلبنان ويتعافى دون شروط على أن تكون الورقة الإصلاحية في صلب البيان الوزاري؛ ووضع آلية جديدة لإستعادة المال المنهوب ومحاكمة الوزراء محاكمة فعلية وليس كما حصل مع الراهبات المسؤولات عن جمعية "رسالة حياة".
لدى لبنان نقاط قوة. وعلى الرئيس الحريري عدم التفريط بها. وعليه إستخلاص العبر في كيفية تحويل التهديدات والإملاءات إلى فرص. ويجب توحيد كافة الجهود لإدانة العدو الصهيوني الذي بدأ اليوم بمسح جيولوجي في البلوك رقم 9 دون أي إعتراض من أي مسؤول لبناني أو من قوات الطوارئ الدولية. وقد أفاد الخبير في الصناعة النفطية السيد ربيع ياغي "بأنه يمكن للكيان الغاصب القيام بالحفر الافقي ولا بد من تنفيذ مسوحات جيولوجية تفصيلية وهو ما قامت وتقوم به سفينة للكيان الغاصب حالياً. وأضاف “بأنه يمكن الحفر الأفقي وسرقة الغاز والنفط من مسافة 13 كلم.
يتحمل الرئيس الحريري تبعات عدم ممارسته لصلاحياته في تصريف الأعمال والتصدي لخروقات العدو الصهيوني وعليه حسم خياراته على أن يضع مصلحة لبنان أولاً وفوق كل إعتبار.
وإن غداً لناظره قريب
09/12/2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق