انتفض الشعب اللبناني بكل طوائفه عقب إعلان وزير الإتصالات فرض ضريبة عن مكالمات وسائل التواصل الإجتماعي وأجج الإنتفاضة الإسلوب الساخر الذي أعلن عن الضريبة وزير الإعلام. فكان الإعلان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. لم تكن الإنتفاضة بسبب تلك الضريبة غير القانونية ولكن جاءت الإنتفاضة لتعبر عن رفض الشعب لإجراءات الحكومة في معالجة الأزمات المعيشية والتعامل مع الفساد وخصوصا في تعامل بعض الوزراء مع المدعي العام المالي علي إبراهيم ورفض معظمهم دعوته لشرب فنجان قهوة عنده لإستيضاح بعض الأمور في ملفات الفساد وهدر المال العام.
مركز الامة الواحدة - مقالات - بقلم عدنان علامة
كانت الإنتفاضة الشعبية العفوية عابرة للطوائف لأن الظلم والجوع وسوء الأحوال المعيشية طال جميع الطبقات وخاصة المتوسطة والفقيرة. كان تجمعها عفوياً ومطالبها محقة وتجمعها في الساحات كان حضارياً وضاغطاً بقوة على الحكومة مما أضطر رئيس الحكومة إلى توجيه خطاب مع ورقة وعود إصلاحية لم نعهدها منذ الإعلان عن دولة لبنان الكبير.
بدأت أولى خطف حرف الإنتفاضة عن مسارها لتحقيق أجندة سيياسية تهدف إلى نشر الفوضى الشاملة متسترين بالمطالب الشعبية الإصلاحية. ولا بد من الإشارة إلى الأخطاء القاتلة التي ارتكبها ولا يزال يرتكبها قادة خاطفي الحراك والتي كشفت إرتباطهم بالخارج بالرغم من إنكارهم. وسيتم إثبات ذلك بالدليل الملموس:-
1- رفض الورقة الإصلاحية والبقاء في الساحات لمراقبة تنفيذ الورقة الإصلاحية خلال مدة زمنية قصيرة جداً (74 يوماً).
2- عدم وجود قيادة موحدة قادرة على ضبط الشارع الامر الذي أدى إلى سرقة العديد من المحلات وإحراق بعضها بالأضافة إلى الإعتداء على القوى الأمنية في محاولات متعددة لإقتحام السرايا (تعمد إظهار إستعمال القوة المفرطة للقوى الأمنية خلال قمع الشغب).
2- فرض شعار اليد القبضة كرمز للحراك (شعار مستورد للتغيير من خلال الفوضى الشاملة - حركة اوتروب-/ تجربة مستوردة من صربيا وحرب الجيل الرابع).
3- فرض قطع أوصال الوطن ومنع التواصل وحرية التنقل التي كفلها الدستور. وتنظير قادة خاطفي الحراك بأن قطع الطرقات من حقهم.
4- تعمد إذلال الناس على الحواجز وفرض خوّات وطلب الهويات حتى من العسكريين.
5- تحدٍ سافر لمشاعر شريحة واسعة جداً من اللبنانيين بتعمد إستقدام راقصة بثياب غير محتشمة "أمام مسجد" محمد الأمين؛ ووضع الآت لبث الموسيقي الصاخبة تحت سقف شرفة متصلة بالمسجد. (كل ما يتعلق بالعقار يعتبر مسجداً).
6- إقفال الطرق كان سبباً مباشراً لإرتفاع سعر الدولار إلى حدود 1850 ل. ل. وتلف المحاصيل الزراعية من خضروات وفواكه بقيمة قدرت بحوالي 200.000$ يومياً.
7- المساواة بين المتهم والبريء متجاهلين عمداً أبسط مباديء الديمقراطية والعدالة بأن قرارات مجلسي الوزراء والنواب تأخذ بالتصويت بإختلاف النسب حسب المواضيع المطروحة.والمتهم يظل بريئاً حتى تثبت إدانته في المحاكم المختصة.
8- الإصرار على فرض شروط تعجيزية بشعارات براقة وموحدة. كضرورة إسقاط رؤساء السلطات الثلاث. وضمن مهلة محددة.
9- لم يتم الإفراج رسمياً حتى اليوم عن أسماء قادة خاطفي الحراك إنما تم الأفراج عن أسماء مكونات الحراك وعددها 52 مكوناً.
10- الإصرار على التعرض للرموز السياسية وخصوصاً سماحة السيد حسن نصر الله حتى وصلت الأوامر إلى شتم الأعراض وهذا البند مستورد وخارج عن كل القيم اللبنانية الأخلاقية والإنسانية والقانونية وذلك لجر ردة فعل غاضبة تذهب بالبلد إلى فتنة وفوضى شاملة تتناسب وأهداف وأجندات الجهات الخارجية.
وأما التدخل الأجنبي المباشر لحرف الحراك عن مساره فتمثل بتدخل مدير الجامعة الأمريكية وإعطائه أوامر مباشرة بالخطوات التصعيدية في لقائين مع فئة مخصصة من منسقي الحراك في السينما البيضاوية ووسط تجمع طلابي في العاصمة. وترافق ذلك إصدار بيان مشترك مع جامعة القديس يوسف وعقد محاضرتين من أكاديميي الجامعة الأمريكية في ساحة رياض الصلح.
- وقد قال أحد منسقي خاطفي الحراك في طرابلس خلال البث المباشر لقناة الجديد بعد تدخل الجيش لفتح الطرق المؤدية إلى طرابلس وإصابة أحد المتظاهرين في رجله برصاصة مطاطية :" بأنه جاءتهم الأوامر بقطع الطريق ولا بد من تذكير الجيش بالمعادلات الدولية". وهذا ما يفسر عدم تدخل الجيش بعد الدفاع عن السرايا حتى "وصل الموسى إلى ذقنه" من خلال إحتجاز بعض العسكريين على حواجز الزلقا وجل الدين الأمر الذي أدى إلى عراك بالأيدي بين عناصر الجيش وقاطعي الطريق. فتدخل الجيش وجاءت الأوامر الحاسمة بفتح كافة الطرق. وهددت إحدى المتظاهرات بالإتصال بجيش العدو لحمايتهم بدلاً من الجيش اللبناني وهذا يتقاطع مع المعلومات الصحفية التي نشرت عن نيات العدو الصهيوني بالقيام بعمليات خاصة بأعلام مزيفة. وسبحان الله جاء التدخل سريعاً جدا ولكن من خلال وزارة الخارجية الأمريكية صباح هذا اليوم:-
مسؤول في الخارجية الأميركية: نتوقع من الجيش اللبناني أن يواصل حماية المتظاهرين من العنف وأضاف : ندعو الحكومة اللبنانية إلى إحترام حقوق المتظاهرين وسلامتهم.
قلتها منذ اليوم الأول الذي أمر فيه قادة خاطفي بقطع الطرق: "بأن حق التظاهر مقدس وحق التنقل بين المناطق هو حق مقدس. وتنتهي حريتكم عندما تبدأ حرية الآخرين"؛ ولكنهم بدأوا ينظرون علينا وقاموا بحملات إعلامية واسعة لتبرير قطع الطرق. وقبل عرض القوانين الدولية التي تكفل حرية التظاهر والتعبير عن الرأي في حدود ذكرت بالتفصيل (آمل التدقيق فيها جيداً) لتتيقنوا من تجاوز قادة خاطفي الحراك لكل القيَم، وأن الخطة لنشر الفوضي كانت معدة سلفاً ولذا لا بد من تقييم إشتعال الحرائق المتنقلة ليلاً فقط بخلاف أسباب نشوئها الطبيعي في مناطق شاسعة من لبنان، والأحداث السياسية التي سبقت الإنتفاضة وخاصة خطاب رئيس الجمهورية في الأمم المتحدة حول أحقية الدفاع عن النفس وضرورة إعادة اللاجئين السوريين. ومواقف وزير الخارجية جبران باسيل من عودة اللاجئين السوريين وحزب الله في لقائه مع وسيلة إعلام أمريكية، والإعلان في مهرجان جماهيري عن نيته لزيارة سوريا. وجاءت الإنتفاضة الشعبية خير ساتر لمخططهم الجهنمي التدميري.
فلنستعرض سوياً القوانين الدولية التي تضمن حرية التعبير عن الراي بكافة الوسائل لكن مع رسم خطوط حمراء لا يجوز تخطيها. لذا آمل التدقيق ملياً في المادة 21 من القانون الخاص بحرأية الرأي لتتيقنوا بأن المطلب الأساسي لخاطفي الحراك هو نشر الفوضى الشاملة وليس تحقيق المطالب الشعبية تحت ستار حرية التظاهر والتعبير عن الرأي.
كما فرض وأوجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16كانون/ديسمبر1966 ودخل حيز التنفيذ في 23 آذار/مارس 1976، وفقا لأحكام المادة (49) وقد نص على حماية حرية الفكر والتعبير في المادتين (18) و (19) ، وحيث تنص المادة (٢١ ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على: "يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به".
"ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقاً للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم".
إن مطالب الشعب المنتفض هي مطالب محقة وأجبرت هذه الإنتفاضة الحكومة على وضع ورقة إصلاحية مع الإلتزام بجدول زمني قصير ومعقول بسبب ضرورة إصدار قوانين في محلس الوزراء يلزمها تصديق في مجلس النواب أو مراسيم جمهورية لتنفيذ بنودها. ولكن الأوامر الخارجية إلى قادة خاطفي الحراك جاءت برفض إقتراح البقاء في الساحات لمراقبة تنفيذ البنود الإصلاحية والعودة إلى الشارع في حال الإخلال في التنفيذ وبمباركة معظم القوى السياسية وقرروا المضي في سياسة توتير الأجواء والدفع نحو الفوضى الشاملة. وجاءت إستقالة الرئيس الحريري في توقيت مشبوه. فطار الأمل الوحيد بتطبيق الإصلاحات المنشودة. وانضم الرئيس الحريري إلى قادة خاطفي الحراك وأمر تياره بالنزول إلي الشارع تزامناً مع الإيعاز بتنفيذ أوامر مدير الجامعة الأمريكية بالسيطرة على مؤسسات الدولة.
وفي مراجعة موضوعية وبعقل بارد لمسار الأحداث خلال 20 يوماً نستنتج بأنه تم خطف الحراك نحو تنفيذ أجندة خارجية لأخذ لبنان نحو الفوضى الشاملة لرفض التوطين السوري ولتكريس حق الدفاع عن النفس ضد الإنتهاكات المتكررة للعدو الصهيوني للسيادة اللبنانية.
فعلى جميع اللبنانيين التفكير ملياً بمصالح لبنان وعدم وضع الشروط التعجيزية المسبقة واللجوء إلى الحوار. حتي لا يخرق قادة خاطفي الحراك عمداً أو جهلاً المركب فيغرق الجميع وساعتها لا ينفع الندم.
وإن غداً لناظره قريب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق