التسامُح والحِلم أعلى مراتب القوة وفي ذلك شعور بالكمال الإنساني ، والتسامح هو أم الفضائل وزينة الأخلاق والقيم ، أما حبُ الإنتقام فهو أعلى درجاتِ الهوان والضعف والشعور بالنقص والعقد النفسية ، وإذا كانت الرياح العاتية تمحو الجِراح التي خطّت في الرمال فإن قلوبَ البشر أولى من تلك الرياح في أن تصفح وتسامح وتمحو جراحاتٍ لا تُجبر إلّا بنبذِ وتركِ من يغذي تلك الجِراح ويُشعل الأزمات ويفتعل الحروب ويثير الفتن.
مركز الامة الواحدة - مقالات - بقلم مطهر يحيى شرف الدين
ولو تم مواجهةُ العِداء بالعِداء والغلّ بالغلّ فمتى ستنتهي الأحقاد والضغائن وحتّامَ يخلُص المرءُ إلى التعايش و السّلام وإلى انتزاع موقفٍ فضيل فيه روعةُ الإنتصار وحُسن المبادرة والدعوة إلى توحيد الصف اليمني تحت مظلة الحوار الوطني المستقل البعيد عن الإملاءات الخارجية والتدخلات الأجنبية المغرضة ،
إذاً فالتسامح والتصالح هما علاج الكراهية وهما دواء الضغائن وهما الطريق الذي ينتهي إليه العدوان والظلم والإستبداد
التسامح هو ذلك المبدأ الذي تحدثت عنه مبادئ الأمم المتحدة بشأن الألفية عن وجوب البشر إحترام بعضهم البعض في معتقداتهم وأفكارهم وثقافاتهم وينبغي الإعتزاز بها بإعتبارها رصيداً حضارياً للبشرية ،
التسامح والعفو هو التربية المحمدية التي قرأناها حِلماً وعبرةً ودروساً في فتح مكة عندما أسلم الطلقاء كرهاً وقد عبّر عن ذلك الموقف نبي هذه الأمة صلوات الله وسلامه عليه وآله بما يعكس مبدأ التسامح ورحابة الصدر وسلامة حسن النيّة لإثبات سماحة الدين الإسلامي وغض الطرف عمَّن ضلّ سواء السبيل ثم اهتدى وغلّب مصلحة الوطن و الأمّة الإسلامية على مصالح الغرب ومصالحه الشخصية والمادية
وقد تحدث صلوات الله عليه وآله عن ذلك الموقف وهو في موقع القوة والعزة والإنتصار ،
فالأقوياء والأحرار لايخشون التسامح بل يثقون بقوةِ الحُجة وعلوِّ النفس الأبية ومن يثق بعدالة القضية لن يخشى عفواً أو تصالحاً ،
ومن يصفح ويسامح فإنك تجد لديه الأُفق الأوسع والنظرة الأعمق والبُعد الأسمى في تحقيق أهداف التسامح والتصالح ،
ولذلك فالمنادي للمحبة والتسامح والساعي للمصالحة بين الناس لا تراهُ الأُعين إلّا كريماً ولا تسمعه القلوبُ إلا عظيماً في خُلقهِ وسيرته وتعامله ،
المصالحة تُغضب العدو الحقيقي للإنسانية وتُفشل المشاريع التدميرية التي يسعى من خلالها العدو إلى تمزيق اليمن وبث الفُرقة والكراهية في أوساط المجتمع الداخلي وتجعلهُ يخشى عواقب وتحمُّل المسؤولية المدنية والجنائية جرّاء ما ارتكبه من جرائم وانتهاكات بحق الشعوب ،
فمن مصلحةِ العدو الحقيقي أن يجعل أبناء المجتمع الواحد في مواجهات دائمة وصراعاتٍ بينية طابعها المناطقي والطائفي والعنصري لكي يتسنى له العبث بمقدرات البلد المعتدى عليه ونهب ثرواته وانتهاك سيادته
ولذلك يجرُّنا الحديث عن التصالح والتسامح إلى مبادرة المجلس السياسي الأعلى بشأن تشكيل فريق المصالحة الوطنية والحل السياسي الذي يسعى إلى جمع كلمة اليمنيين في مواجهة الغزاة والمحتلين الطامعين في ثروات وخيرات الأرض اليمنية والساعين إلى إذلال أبناء اليمن الواحد وجعلهم تابعين لدول أجنبية غير مستقلين في قرارهم السياسي والسيادي ،
صدور قرار تشكيل فريق المصالحة من قبل القيادة السياسية كان نابعاً من الإستشعار بالمسؤولية والحرص على وحدة اليمنيين على أسس السّلام والتعايش وشراكة جميع الأطياف المجتمعية والكيانات السياسية في رسم وبناء يمن قوي ومزدهر ،
فليس هناك من يقف أمام مشروع المصالحة إلّا الأجنبي الذي يجني أموالاً طائله من بيع السلاح ومن ابتزازهِ دول الخليج بحُجة حمايتها من أعداءٍ وهميين ، ولذلك ليس هناك من يقف أمام السّلام والمصالحة إلّا من لديه مصلحة في إستمرار الإقتتال ومواصلة الحصار وخنق الشعب اليمني ،
مثَّلت تلك التوجهات السياسية الحكيمة رديفاً آخر لقرار العفو العام الذي أصدره الرئيس الشهيد صالح الصمّاد رضوان الله عليه عن المغرر بهم الذين انخدعوا وغُرر عليهم وكُذب عليهم بأن التحالف العسكري قد تدخل من أجل سواد عيون الشرعية المزعومة واليوم أثبت تحالف العدوان السعودي الأمريكي أن تلك الشرعية منعدمة ولا أصلَ لها وقد أسقطها التحالف في طرفةِ عين بل أصبحت تلك الشرعية خصماً للتحالف وأضحى ينعتها بالإرهاب
فهل من مدَّكر أيها المخدوعون وهل من معتبر أيها المغرر بكم يا من عملتم سوءً ومنكراً بجهالة ، وهل من مستجيب لليد التي طالما امتدت للسّلام من أجل السَّلام وليس من أجل الإستسلام وسعت إلى كلمةٍ سواء بين الناس من أجل عزة وكرامة الأمةِ الإسلامية ومن أجل مواجهة أعداء الله ورسوله والمؤمنين ،
قال تعالى " ثمّ إنَّ ربّك للذَينَ عَملُوا السُّؤ بجَهالةٍ ثمَّ تَابوُا مِن بَعدِ ذَلكَ وَأَصلحُوا إنّ رَبِّك مِن بَعدِها لَغَفورٌ رَحيْم "
ملتقى الكُتَّاب اليمنيين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق