من لم يعرف لماذا خص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهل اليمن بأهل الحكمة والإيمان ، فلينظر اليوم إلى تلك الحشود ، ثم ليرجع البصر كرتين ويشاهد تلك الأصوات التي تصرخ بهيهات منا الذلة ، ولبيك ياحسين ، عندها سيرجع إليه البصر خاسئا وهو حسير ، قائلاً لقوى الطغيان : هيهات لهكذا شعب أن يُذل ويقهر .
مركز الامة الواحدة - مقالات - بقلم بلقيس علي السلطان
نعم إنها الحشود الحسينية الأبية ، فأينما توجه بصرك تجد الأنفة والإباء ، فهذه امرأة أتت برضيعها الذي لا يتجاوز الثلاثة أشهر ولسان حالها يقول : لن يكون أسوأ حالاً من رضيع كربلاء وكلاهما خرج لقول الحق ضد قوى الباطل ، وتلك عجوزٌ تمشي بخطى متعرجة وتتكئ إلى منسأتها وفي ثنايا خطاها نستشف العزم بأنها لن تدع صرخات العز والإباء تفوتها وتقعد ملومة محسورة في زوايا بيتها ، وهذه أخرى قد أحضرت طفلها الذي لا يتجاوز السنة تجره أمامها في عربته التي عصمته من زخات المطر ، وخطت على جبينه هيهات منا الذلة ، فهيهات الذلة من جيل كُتب على جبينه عناوين العزة والإباء وحضروا ساحات الكرامة صغارا ، فأنى لهم أن يرضوا بالذل كبارا ؟
ولن أنسَ أم الشهيد وبنت الشهيد وزوجة الشهيد ، وأخت الشهيد اللاتي حضرن وفي صرخاتهن عبارات تقول : لست يازهراء وحدك من سلبت فلذات كبدك بيد الغادرين والمتجبرين ، ولست وحدك يازينب من وقفت في وجه الطغيان ومن قالت محتسبة : (اللهم إن كان هذا يرضيك فخذ منا حتى ترضى) فكلنا قلناها ومازلنا نقولها .
ظلت هتافات الحق تصدح بالساحة ، وما أن أطل العلم القائد حتى خيم السكون على الجميع ، ليسمعوا القول السديد ، ولا فرق بين أبا عبدالله وأبا جبريل ، فكلهما يرفعان نفس الراية ويحاربا نفس العدو وينهجا نفس المنهج المحمدي فكلاهما لم يخرجا أشرا ولا بطرا ولا فسادا ولا ظلما ، وإنما الإصلاح في أمة جدهما آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر .
أكمل القول السديد حديثه وحان الرحيل من ساحة الكرامة والعزة ، إلا أن السماء أبت إلا بمرافقتنا بزخات من المطر وكأنها تقول لن تحرموا من الماء الذي حُرمه شهداء كربلاء ، فسلام على أبا عبدالله الحسين وعلى شهداء كربلاء ، وعلى شهداء كربلاء العصر من يمننا الغالي والشفاء لجرحانا والحرية لأسرانا ولا نامت أعين الجبناء .
#اتحادكاتباتاليمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق