حشدت السعودية أمس سفراء الدول الأوروبية والعربية لتعقد مؤتمراً صحفياً فاشلاً بكل المعايير عرضت فيه بقايا طائرات وصواريخ زعمت أنها استعملت في الهجوم على مصفاتي البقيق وخريص.
مركز الامة الواحدة - مقالات - بقلم عدنان علامه
لقد تلا العقيد المالكي الإرادة الملكية باتهام إيران والتي هي بحد ذاتها أوامر أمريكية قد صرح بها بومبيو مع اللحظات الأولى للهجوم. وكان الإتهام قوياً جداً ومباشراً ولكن كانت الأدلة ضعيفة جداً وتكاد تكون معدومة. وقد برأ المالكي الحوثيين من تبعية الهجوم ونفى كلياً إنطلاق الهجوم من الجنوب لأنه جاء من الشمال. وسيتم تحديد نقاط الإنطلاق لاحقاً. وفي ذلك إشارة إلى العراق والأردن أو الداخل السعودي. . وعلينا ان لا ننسى بأن إيران تقع إلى الشرق من السعودية وليس من شمالها.
وقد حشره أحد الصحافيين عن عدم عمل بطاريات الصواريخ. فدافع عن فشل منظومات الباتريوت فقال :" السعودية تلقت اكبر عدد من الصواريخ الباليستية" . وهذا الجواب لا يتناسب مع النجوم التي يحملها فوق كتفيه. لأنه من المفترض أن تتعامل منظومة الباتريوت مع عدة أهداف في وقت واحد. والمفارقة الكبيرة انه وصف العلاقة مع أمريكا بالجيدة جداً علماً بأن كافة وكالات الأنباء العالمية خلصت إلى أن ترامب تخلى عن السعودية وابتزها بطريقة مهينة ومذلة.
فمحمد بن سلمان لم يستمع نهائياً إلى النصائح اليمنية بضرورة الإنسحاب من اليمن ورفع الحصار. ففبرأ الحوثيين كليأ واتهم إيران وذلك لحرف الأنظار عن أحقية اليمنيين في الرد علي العدوان ولتأمين حشد دولي ضد إيران. وكلمات المالكي تؤكد ذلك:-
_ايران تلعب دوراً تخريبياً في المنطقة والعالم وهي تزيد عدوانها وآخره الهجوم من الشمال.واضاف أن الهجوم على أرامكو لم يكن هجوما فقط على السعودية وإنما على العالم أيضاً لأنه يمس الاقتصاد العالمي.
وقد استجدى المالكي التدخل الدولي حين قال :- "يجب محاسبة إيران وعلى المجتمع الدولي تحميلها مسؤولية الهجمات التخريبية" .
وقد تعمد منظمو المؤتمر الصحفي إلى تنظيم بقايا الطائرات وصواريخ كرروز المزعومة بطريقة إستعراضية. ولم يختاروا من صواريخ الكروز الإيراني سوى إسم "يا علي" وذلك لإستثارة العصب الوهابي الحاقد. وقد فاتهم محو الرقم على الصاروخ بالأحرف والأرقام الاجنبية(مرفق صورة) . وأظهر المالكي تاريخ صنع إحدى المعدات 2019/01. وهنا الخطأ القاتل لمعدي المسرحية الفاشلة. فإيران لا تستعمل التاريخ الميلادي؛ بل تستعمل التاريخ الهجري الشمسي. وحين تتفاخر بصناعتها تكتب بالأحرف والارقام الفارسية. ولم نلحظ الإسم المزعوم على الصاروخ. مما يؤكد بأن الصاروخ يمني.
فكيف علم المالكي عدد الطائرات ووجهة إنطلاقها مع الصواريخ والمسافة التي قطعها الصاروخ؟ علماً بأنه لم يتم رصدها عبر أي رادار ولم تتحرك إية وسيلة من وسائل الدفاع الجوي لإعتراضها.
فمن أبسط بديهيات عقد المؤتمرات الصحفية هي توضيح كافة الملابسات المتعلقة بقضية ما وإزالة الغموض عنها وإعطاء معطيات جديدة . فكل ما ذكره المالكي عن بقايا الطائرات والصواريخ لا ترقى إلى دليل بمفهوم الأدلة الجنائية. وإن عدم تحديد الجهة التي انطلقت منها الطائرات ونفي أي علاقة لليمنيين بالهجوم على مصفاتي بقيق وخريص يثبتان بأن المؤتمر الصحفي كان سياسياً بإمتياز لإتهام إيران ولتأمين حشد دولي لفرض المزيد من الضغوطات على إيران. وما غياب الدليل الأساسي وهو الجهة التي انطلقت منها الطائرات والصواريخ هو قرين براءة لا لبس فيه لإيران. وآمل التدقيق في تصريحات المالكي المرتبكة والمتناقضة لتتيقنوا من فبركة الأدلة مستقبلياً حسب الأوامر الأمريكية بالإشارة إلى الشمال فقط وهو مؤشر مفتوح على كل الإحتمالات:-
- "نحن مستمرون في تحقيقاتنا لتحديد مكان إطلاق الطائرات المسيرة وصواريخ الكروز" . وأضاف بأنه لدينا أساليب عدة لتحديد مكان انطلاق الصواريخ وإيران تحاول إخفاء المعلومات. ورد المالكي على سؤال حول استبعاد مسؤولية القوات المسلحة اليمنية عن الهجمات: "نعمل على معرفة نقطة الانطلاق". وبقدرة قادرة وفي نفس المؤتمر الصحفي أشار إلى الجهة التي انطلقت منها الصواريخ على مصفاتي بقيق وخريص بقوله: 4 صواريخ كروز استهدفت معمل خريص وهي انطلقت من الشمال إلى الجنوب لمسافة 700 كلم. وبقيت جهة إنطلاق الطائرات مجهولة حتى إشعار آخر.
وبناءً عليه فإن تجاهل السعودية للقدرات اليمنية والإستهتار بهم حين قرأ المالكي ما كتب له : "لا يمكن ان تكون الجماعات التابعة لايران في اليمن مسؤولة عن الهجمات لعدم امتلاكها هذه القدرة" ؛ سيدفع اليمنيين يقيناً إلى إثبات قدراتهم المتطورة. ومن المتوقع أن ينفذوا عدة عمليات على أهداف حيوية قد تكون في دبي وأبو ظبي والسعودية؛ أو قد تقتصر على السعودية فقط .
وإن غداً لناظره قريب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق