لقد أضاءت ملامح النور في أعماق الظلام ، ومن ركام الذل أضاءت ملامح أمل جديد في دجى اليأس المطبق ، فجاء الحسين البطل ، جاء الرجل التاريخي ليلعب دوره التاريخي ، جاء من بيت فاطمة الزكية رجلٌ حرٌ وغاضب ولديه إصرار على الإصلاح.
مركز الامة الواحدة - مقالات - بقلم غيداء صدرالدين
لقد رأى الحسين مدينة ومسجد رسول الله _ صلى الله _ عليه وآله ، وكعبة إبراهيم تُساق في قيود النمرود ، والإسلام ورسالة محمد وآمال الفقراء تُساق إلى قصر " الخضراء " في دمشق !
تحرك رجلاً لا يملك سلاحاً غير الموت ، فهو له عادة وكرامته من الله الشهادة .
إن الموت فن الحسين وليس في العالم رجلٌ غيره يعرف كيف يموت ولماذا ؟
فقد قام معلم الشهادة ليعلم الذين ظنوا أن الجهاد يجب بالقدرة والذين توهموا أن النصر هو فقط الغلبة على العدو ، قام ليعلمهم أن " الشهادة " ليست خسارة روح بل اختيار بقاء ، ليعلم المجاهدين ما معنى التضحية على أعتاب محراب الحرية ومعبد الحب .
فالحسين وارث آدم الذي أعطى الإنسان للحياة ، ووارث الأنبياء الذين علموا الناس ماهية الحياة وكيفيتها ، وهاهو الحسين في هذا العصر يعلم أبناء آدم كيف يموتون ، هاهو يقول للناس : أن الموت الأسود مصير مشؤوم ينتظر كل ذليل يصافح العار كي يعيش ، وأن من لم يجرؤ على اختيار الشهادة اليوم بعزة سيختاره الموت غداً بإصغار وإذلال .
إن حسينيته وضعته في موقع المسؤولية للنضال ضد كل أنواع الاضطهاد والإذلال ،
ولمّا لم يكن لديه من سلاح سوى وجوده فقد حمل روحه بين راحتيه وبرز بها إلى سبب الإرتقاء الذي كُرم به ، وبخطاه الواعية والثابتة والدقيقة التنظيم كانت مسيرته إلى تلك الشهادة نورانية بما يكفي لتخليده دهراً .
لقد أشار الحسين بوضوح إلى أنصاره ، أولئك الذين اختاروا فنه ليرتقوا بأن البقاء تحت ألوية الطغاة عارٌ وذلٌ وخسارة ، فقد قال قوله يومها ، وأدى دوره على أكمل وجه ، كيف لأ ، وهو سبط النور وخاتم الأنبياء وفلذة كبد علي والزهراء .
لقد رأى الحسين أن الموت سعادة ، والحياة مع الظالمين شقاوة وقد عرف جيداً كيف ينتصر الدم على السيف ، فهاهو الحسين حاضر في جميع ساحات الحق ، وشاهد على نضال أهل الحق ضد الظلم وأهله ، فقد كانت شهادة الحسين عليه السلام باباً ولجت منه إلى الحياة صرخة الشعوب في وجوه الطغاة والمستكبرين ، وكشفت زيف وخداع أولئك الذين تخفوا وراء أقنعة متعددة ، فصدق من حسُن قوله حين قال : الإسلام محمدي الوجود ... حسيني البقاء .
#اتحادكاتباتاليمن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق