عندما أراد الله سبحانه وتعالى لأمة محمد صلوات الله عليه وآله الرفعة،الأنفة، العلو، النصر والتمكين. فقد أمرها بتولي من قام الرسول محمد صلوات الله عليه وآله برفع يده المباركة عند عودته من حجة الوداع التي كانت آخر حجة للنبي محمد صلوات الله عليه وآله، وذلك في منطقة تسمى "غدير خم". حيث رفع الرسول الأعظم يد الإمام علي عليه السلام على مشهد ومرأى من الناس وأبلغ الناس : "من كنت مولاه فهذا علي مولاه" . قال سبحانه وتعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
مركز الامة الواحدة - مقالات - بقلم إكرام المحاقري
فمنذ تلك اللحظة أُكمِلَت النعمة ورضي الله بالإسلام ديناً كاملاً للمسلمين. وخُلِقَت ثقافة عظيمة تحافظ على مسار الأمة الواحدة ضمن توجيهات الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم التي "أحكمت آياته". وضمن التوجه الصحيح للرسالة المحمدية التي جاءت من أجل إخراج الناس من ظلمات الشيطان إلى نور هداية الرحمن.
فالإمام علي عليه السلام قد توّج بكرامة خلافة النبي محمد صلوات الله عليه وآله وتعلقت كرامة الآمة الإسلامية وعزتها بتوليه والاقتداء به. لأن القضية هنا هي قضية قائد محنك إختاره الله ليتم مسيرة نبيه محمد في نصر الدين ورفعته ولذلك قال الله سبحانه وتعالى في نهاية آية الولاية بسورة المائدة {وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (المائدة-56)} بعد أن بين بموقف واضح منهم الذين أمنوا عندما قال {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}(المائدة-55)
{فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}؛ هنا تحدث القرآن الكريم عن نتيجة الولاء الصادق للإمام علي عليه السلام كرمز قرآني عظيم ورجل جهاد محنك وقائد عسكري قطع يد الكفر في مواطن عدة. هنا لا يتحدث القرآن عن شخصية علي عليه السلام لكنه يتحدث عن مبادئ وقيّم ومسيرة جهاد متكاملة، وارتباط مطلق بالله ورسوله وبالرسالة الخاتمة لدين الله سبحانه وتعالى. ولذلك كانت الغلبة نتيجة حتمية لمن يتولون الإمام علي عليه السلام بمواقفهم ضد الباطل وضد أولياء الشيطان الرجيم الذين يستهدفون الدين بتزيينهم للباطل وتزييفهم للحقائق التي إذا ما قورنت بالنصوص القرآنية فانها تذهب أدراج الرياح.
فثقافة الغدير هي ما تحتاج اليها الأمة الإسلامية اليوم التي ضاع مجدها وتفرق جمعها وهجر قرآنها وقتل عظماؤها وكل ذلك بأسم الدين وبيد مسلمة تشهد "أن لا اله الا الله وأن محمد رسول الله"!!
فإذا ما أنتهجنا نهج علي سنفهم حقيقة الصراع القائم اليوم وهوية كل بندقية تطلق الرصاص في ساحات الصراع المعروفة، وسيفهم من أراد الفهم أن الصراع القائم في المنطقة ليس بين مسلم ومسلم. فالمواقف كفيلة بان تجرد المرء من دينه وتبين حقيقة إنتمائه للشيطان عندما يدافع عن مطامع ومصالح أولياء الشيطان بإسم الدين.
كما أن "ثقافة الغدير" التي تربط الإنسان المؤمن بالقرآن الكريم رأساً هي مدرسة متكاملة يتعلم منها المسلمون معنى الدين الذي أراده الله وليس الذي أراده أعداء الله عندما حركوا ورقة إستهداف الدين وقيمه.
وزخم القيم بإسم الدين بنشرهم وتوسيعهم لثقافة دين "محمد بن عبدالوهاب" الذي يعتبر صناعة اللوبي الصهيوني التي عرفت من أين تاتي للأمة الإسلامية. فمزقوها كل ممزق وتمكنوا من الحكم عليها دون ان يخسروا أي شئ يستحق الذكر.
فمصلحة الأمة سابقاً وحتى اللحظة تقتضي في التمسك "بالإمام علي عليه السلام" كمعيار لمن يلي أمر الأمة، وهو الذي قال في حقه الرسول الأعظم "محمد" صلوات الله عليه وآله بأنه {يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرّار غير فرّار يفتح الله على يديه} وكان ذلك في أيام خيبر والحرب مع يهود خيبر آنذاك. فالأمة الإسلامية بواقعها الخطير اليوم محتاجة لليد التي فتحت "باب خيبر" ولولاية شخص "كرّار غير فرّار" من أجل أن يسلم لها شأنها ويحفظ ماء وجهها الذي ضاع عندما فرطت الآمة في كرامتها وفي مقدساتها الإسلامية "كالقدس" ومكانتها العظيمة بين الأمم؛ حيث جعلها الله في المرتبة الأولى تحت مسمى {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (آل عمران-139)} فأصبحوا اليوم في الدرك الأسفل من الذلة والخنوع وإلى الحضيض وذلك بسبب إبتعادهم عن الشرط الرئيسي لتحقيق العلو والرفعة وهو الإيمان.
وما يجب على الشعوب المسلمة اليوم هو أن يرفعوا يد الإمام علي عليه السلام ويعلنوا له الولاء الصادق، ويكونوا حيث كان، كما فعلت دول محور المقاومة. فأصبحوا يمتلكون ثقافة القوة والغلبة والكرّ؛ ولا مجال للفر في مواجهة المستكبرين مهما امتلكوا من إمكانيات.
فهكذا ستتحرر الشعوب من أغلال الخنوع والإستعباد للحكومات الجائرة والمرتهنة للعدو للصهيو أمريكي وسيعود لهم شأنهم كعرب ومسلمين.
ختاماً : هناك وصية للنبي محمد صلوات الله عليه وآله لعمار رضي الله عنه قال له (يا عمار إن رأيت عليّاً قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع عليّ ودع الناس، أنه لن يدلك على ردي ولن يخرجك من الهدى). هذه قناعة المصطفى وهذه هي ثقافته ووصيته، فلتكن جارية في أوردة المسلمين من أجل أن يجري النصر جلياً في واقع حياتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق