حديث شريف لا يختلف عليه اثنين قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي) أو كما قال ، فماذا كانت منزلة هارون لموسى حتى يحظى الإمام على بنفس تلك المكانة والمنزلة ؟
مركز الامة الواحدة -مقالات - بقلم بلقيس علي السلطان
عندما جاء الأمر من الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام بأن يذهب إلى فرعون الذي طغى ، كان لموسى عليه السلام طلب من الله تعالى بأن يجعل له وزيراً من أهله واختار بأن يكون هارون أخوه ، كي يشدد به أزره ويشاركه في أمره ، وبالفعل نفذ الله طلب موسى وقال : (قد أوتيت سؤلك ياموسى ).
إذن هارون عليه السلام كان يشد من أزر موسى عليه السلام وكانا يتشاورا ويتشاركان في أمر التبليغ لرسالة الله وتوحيده ، وكذلك كان هو الذي خلف موسى في القوم بأمر موسى عليه السلام ، ولكن القوم ضلوا من بعد موسى وأغواهم السامري ولم يستطع هارون إيقافهم كي لا يفرق بينهم وقال : (إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ).
فماوجه التشابه بين هارون أخو موسى وهارون بني هاشم ؟
بالفعل كان الإمام علي عليه السلام الأخ والقريب والنسب والساعد الضارب لأئمة الكفر إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فهو من فداه في ليلة الهجرة ونام على فراشه ، وعند المآخاة بين المهاجرين والأنصار اختاره الرسول صلوات الله عليه وآله أخً له ، هو من بارز في بدر زعماء الكفر ودحرهم ، وهو الذي اخُتير لرفع الراية حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( لأسلمن الراية غداً لرجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله ) وهو الذي برز لعمرو بن ود بعد أن جبن الأخرون في منازلته بالرغم من عرض الرسول لهم بالجنة مقابل ذلك النزال ، وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يومها : ( لقد برز الإسلام كله للكفر كله ) ، نعم قال الإسلام كله أي أن الإمام علي مثّل الإسلام كله وكان خير فارس مسلم يتصدى لطاغية يهودي كافر .
لم تتوقف البطولات والتضحيات ، لقد استمر هارون بني هاشم في مؤازرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والاستقاء من علمه حتى أخذ شهادة الاستحقاق بأن يكون بوابة مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
وبعد الفتح الكبير والاستخلاف من العلي القدير ، كان لا بد من أمر محتوم لإكمال درب العلم والدخول إليه من بوابته الزاخرة ، فجاء أمر الولاية إكمالاً للدين ورسم خارطة طريق للمضي قدماً في الصراط والنهج المستقيم ؛ لكن هيهات لسامري قريش بأن يرضى بذلك فعندما غادر رسول الله واختار الرفيق الأعلى ، كان هناك من اختار السلطة والشهرة وأضلال الناس بإسم الدين ، كما أضل السامري بني إسرائيل وبأن سامري قريش بصر بما لم يبصر به الرسول وكذلك سولت لهم أنفسهم ومضوا في الحياة بلا مساس ، ولكن المساس ألم بالأمة وظلوا ووقعوا في التيه العظيم ولم يعثروا على طريق باب مدينة العلم حتى تجرأ البغاة في الأرض على هارون بني هاشم وأخذوا يضربون برأسه وينجر الدم إلى لحيته ليرتقى إلى ربه بعد حرصه على سلامة دينه واستمرار الأمة في التيه من بعد أن غفلوا عن المدينة واختاروا غير بابها ودخلوا من أبواب متفرقة فلم تغن عنهم من الله شئ إلا حاجة في نفوس المضلين قضوها ، ولله عاقبة الأمور وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبً ينقلبون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق