حدثان متلازمان لا يمكن لاي حصيف الا وان يحصر كلامه فيهما هما جرح امير المؤمنين ( ع) وليلة القدر .
انه علي بن ابي طالب ( ع) وكفى ، وانها ليلة القدر وكفى .
ان الانسانية ليس لها ذخرا وذخيرة واعلى رصيد انساني وروحي وابداعي بعد الرسول الاعظم (ص) غير امير المؤمنين ( ع) والائمة ( ع) من بعده .
وهكذا هي ليلة قدر واحدة وان قال بعض المسلمين بأنها تتحرى في العشر الاواخر وربما عينوها بالسابع والعشرين من اواخر الشهر الكريم ، وهكذا هي ليلة واحدة عندنا كمسلمين حقيقيين ، كمسلمين اصلاء ، كاتباع مذهب حق ومذهب شريف ، وان ورد انها لم تتعين في ليلتين (٢١ - ٢٣ ) لحكمة : ما ايسر ما تطلب في ليلتين . وربما تعينت في ليلة ٢٣ من شهر رمضان كما في خبر الجهني .
ففي ليلة القدر تقدير كل السنة ، ويستطيع الفرد منا رسم خارطة حياته السعيدة من خلال التوبة في ليلة القدر والعزم على المضي بسنة طاعة لا تتخللها معصية متعمدة .
بليلة القدر بمكنة العبد العاشق ببركة عشقه طي مسيرة مديدة ومتمادية بوقت قصير جدا لا يطويها غيره بلا عشق وبلا احتراق كامل لقرص شمس عبادته ! والان هل عرفت لماذا لا يوجد احد غير محمد وال محمد اقرب الى الله المتعال؟ انها قصة العشق الحقيقية !
واما عن جرح الامام علي ( ع) فهو جرح الانسانية جمعاء ، جرح العدالة ، جرح الحب ، جرح العشق .
ان قول امير المؤمنين عليه السلام في ختام حياته الشريفة [ فزت ورب الكعبة ] يجعلنا من أهل اليقين بوجود اخرة بمعزل عن الادلة التي يستخدمها علماء العقيدة لأثبات وجود عالم الاخرة ، لأن رجلا في ذروة الحكمة ومنتهى الوعي كعلي عليه السلام لا يتلفظ بهكذا كلمة في ظرف كظرفه حال استشهاده وضرب راسه بالسيف لولا يقينه بأنه من اهل الاخرة الفائزين ، إذ ان عليا عليه السلام لم ينل شيئا من الدنيا التي طلقها ثلاثا مع تمكنه منها ، و لو لم يكن عليا عليه السلام فائزا بالمقياس الاخروي فإنه بالتأكيد لم يكن رابحا بالمعايير الدنيوية التي نخضع نحن لها للاسف !!
بالمعيار الدنيوي الذي نخضع نحن له ليس عليا عليه السلام من الفائزين !! هو من الفائزين بالمعيار الالهي الاخروي !!
لقد قال عليه السلام [ فزت ورب الكعبة ] ليعلن انتهاء الحياة الامتحانية التي نجح في خاتمتها وليستقبل حياة الفوز وفاقا لقول الله المتعال { إن للمتقين مفازا } ، وهذا يزيدنا يقينا بوجود اخرة نسير اليها ، ويعطينا درسا عظيما قوامه : عدم مغادرة دنيا الامتحان الا بصك الفوز برضوان الله المتعال .
ان اماما حياته تفتتح بولادة مسجدية وتختتم بشهادة مسجدية لحري ان يعلو العلى به ، وتعظم العظمة به ، ويفخر الفخار به ، ويسعد السعد به ، وحري بنا أن نهتدي بهديه بما وجدناه من وجدنا بحسب ما اوصانا عليه السلام [ أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد ] .
ضربة السيف على رأس امير المؤمنين عليه السلام أصابت الايتام قبل ان تصيبه ، واصابت ميزان العدل قبل ان تصيبه .
وكيف لا تعتصر قلوبنا ألما مبرحا يستحيل دمعا غزيرآ يتحادر نهرآ دفاقآ على وجناتنا وجبرائيل عليه السلام قد نادى نداء ملكوتيا : ... قتل علي المرتضى " .
بعد استشهاد امير المؤمنين عليه السلام صار كل الخلق يتامى ، وصار كل معيل لليتامى يتيم ، اما اليتامى الذين كانوا يعشقون اليتم وهم في كنف علي عليه السلام فقد صاروا يتامى بالمعنى الحقيقي بعدما اكتشفوا ان كل الناس كانوا يتامى الا هم .
ان استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام بمسجد الكوفة لو حصل في ظرف كان كل الناس فيه من العباقرة والمخترعين لبكوه بدلا من الدمع دمآ لأنهم أعرف الناس بأن حقيقة العلوم التي استقوا منها كل اختراعاتهم وتسموا عباقرة بفضلها انما كانت مخزونة في صدر علي عليه السلام .
لو كان هناك شيئا من الانصاف وشيئا من جزاء الاحسان بالاحسان لكان على العالم ان ينكس الاعلام في كل الجامعات والمداراس وفي كل الصروح العلمية في ذكرى شهادة امير المؤمنين عليه السلام الذي كان بابآ لمدينة العلم .
لبس مستغربا على المسلمين الشيعة حزنهم على أمير المؤمنين عليه السلام في ذكرى استشهاده انما المستغرب على سائر المسلمين كيف لا تتشح مدنهم وقراهم بالسواد حزنآ على شهادة امير المؤمنين عليه السلام .
إن المفاهيم الكلية كالعدل والحق والصدق والامانة والشجاعة والعلم والحلم والكرم وغيرها لو قدر لها التجسد لم تكن لتكون الا الامام علي بن أبي طالب عليه السلام ، وبملاحظة ذلك فمع ذكرى استشهاده نعلم علم اليقين اي خسارة خسرتها البشرية بفقده عليه السلام " .
ابن ملجم قاتل أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن شخصآ ، وانما هو ضربة انطلقت من قبضة يد تابعة لجسد تحركه روح الشر العام التي كانت تعيش (ألأنوية ) الحاقدة والشهوية في آن ، وروح الشر العام هذه كانت وما زالت ولم تغب عن مسرح الحياة ، وقتلها لعلي عليه السلام يتكرر مع كل قتل لأحد من شيعته ومواليه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق